الدكروري يكتب عن آخر الغزوات لرسول الله


بقلم/ محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن غزوة تبوك، فهي الغزوة التي خرج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لها في شهر رجب، من العام التاسع من الهجره، بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة أشهر، وتعد غزوة تبوك هي آخر الغزوات التي خاضها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد بدأت تداعيات تلك الغزوة عندما قرر الرومان إنهاء القوة الإسلامية التي أخذت تهدد الكيان الروماني المسيطر على المنطقة، فخرجت جيوش الروم العرمرمية بقوى رومانية وعربية تقدر بأربعين ألف مقاتل قابلها ثلاثون ألف من الجيش الإسلامي، وقد انتهت المعركة بلا صدام أو قتال لأن الجيش الروماني تشتت وتبدد في البلاد خوفا من المواجهة.

مما رسم تغيرات عسكرية في المنطقة، جعلت حلفاء الروم يتخلون عنها ويحالفون العرب كقوة أولى في المنطقة، لذلك، حققت هذه الغزوة الغرض المرجو منها بالرغم من عدم الاشتباك الحربي مع الروم الذين آثروا الفرار شمالا فحققوا انتصارا للمسلمين دون قتال، حيث أخلوا مواقعهم للدولة الإسلامية، وترتب على ذلك خضوع النصرانية التي كانت تمت بصلة الولاء لدولة الروم مثل إمارة دومة الجندل، وإمارة إيلة وهى مدينة العقبة حاليا على خليج العقبة الآسيوي، وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم، بينه وبينهم كتابا يحدد ما لهم وما عليهم، وقد عاتب القرآن الكريم، من تخلف عن تلك الغزوة عتابا شديدا، وتميزت غزوة تبوك عن سائر الغزوات بأن الله تعالى،حث على الخروج فيها.

وعاتب وعاقب من تخلف عنها، والآيات الكريمة جاءت بذلك، في قوله تعالى “انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون” وكان قد ساد في الجاهلية جميع بني سلمة فانتزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، سؤدده، وقد روي عن ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد، أنها نزلت في الجد بن قيس، وقد كان الجد بن قيس هذا من أشراف بني سلمة، وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لهم “من سيدكم يا بني سلمة ؟ قالوا، الجد بن قيس، على أنا نبخله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وأي داء أدوأ من البخل، ولكن سيدكم الفتى الأبيض الجعد بشر بن البراء بن معرور” وجعل مكانه في النقابة عمرو بن الجموح، وحضر يوم الحديبية.

فبايع الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم، جميعهم إلا الجد بن قيس لم يبايع، فإنه استتر تحت بطن ناقته، وقد أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال “ولم يتخلف عن بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحد، يعني في الحديبية، من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة، وقال جابر بن عبد الله، لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد صبا إليها، يستتر بها من الناس، وأما عن عمرو بن الجموح فكان صحابي، وهو أحد زعماء المدينة وسيد من سادات بني سلمة، وشريفا من أشرافهم، وواحد من أجواد المدينة، كان آخر الأنصار اسلاما، وكان مصاهرا لعبدالله بن عمرو بن حرام، فقد كان زوجا لأخته، هند بنت عمرو.

وفي يوم أحد أراد عمرو الخروج للغزو مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان برجل عمرو عرج، فمنعه بنوه، إلا أن عمرو بن الجموح أبى إلا أن يشهد المعركة مع أبنائه الأربعة، فقال للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أرأيت إن قتلت اليوم أطأ بعرجتي هذه الجنة؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” نعم ” قال ” فوالذي بعثك بالحق لأطأن بها الجنة اليوم إن شاء الله، ثم قاتل حتى قتل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.