الدكروري يتحدث عن تلك أمكم يا بني ماء السماء


بقلم / محمـــد الدكـــروري

روي عن أبو هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال عن السيدة هاجر تلك أمكم يا بني ماء السماء، وكأنه خاطب بذلك العرب لكثرة ملازمتهم للفلوات التي بها مواقع القطر لأجل رعي دوابهم، وفي ذلك تمسك لمن زعم أن العرب كلهم من ولد إسماعيل، وقيل عن السيدة سارة عليها السلام أن مرت سنوات طويلة من الانتظار لم تسفر عن شىء شعرت فيها المرأة التى وصفت بأنها أجمل نساء الأرض بالحزن والقلق لأنها لم تنجب ابنا يكون سندا لها ولزوجها ويدخل السرور إلى قلبه، وفكرت رغم المحبة الكبيرة فى قلبها لزوجها أو ربما بسببها، فى حل كى لا يحرم زوجها نبى الله إبراهيم الذرية الصالحة، ترددت كثيرا وهى تنظر إلى هاجر وتفكر بها زوجة لزوجها بعد أن عرفا عنها حسن الأخلاق.

والأدب الشديد منذ وهبها لها فرعون لتكون فى خدمتها، ورغم أنها أجمل نساء الأرض التى فتن فرعون بجمالها، كانت غيرتها تجعلها تتراجع كأى امرأة، وتخشى أن يهجرها إلى الزوجة الجديدة وينصرف عن محبتها إليها، لكنها قست على قلبها وأخرست وساوسها وطرحت على زوجها الفكرة بعد أن غادرها الأمل فى أن تكون أما يوما ما، إلا أن السيدة سارة العاشقة التى كانت أول من آمن بدعوته والزوجة الوفية التى هاجرت معه لينشر دعوته فى بلاد الله لم تتمكن من إسكات غيرتها طويلا، وما إن ظهرت معالم الحمل على السيدة هاجر حتى تجددت غيرتها فلما وضعت طفلها إسماعيل طلبت سارة من سيدنا إبراهيم أن يبعدها وابنها، ولأن الله يرى ويعلم ما بقلب سارة أمر الخليل إبراهيم، بأن يذهب بالسيدة هاجر إلى مكة ويتركها هناك.

ولبى إبراهيم أمر ربه، وقد حصل من غيرة السيدة سارة من السيدة هاجر هو من هذا الباب، فطلب الزوجة من زوجها أن لا ترى ضرتها أو أن لا تجاورها أمر غير مستنكر، مع أن الذي ذكره أهل العلم أن نبي الله إبراهيم عليه السلام هو الذي خرج بهاجر وابنه لا أن سارة زوجه طلبت منه ذلك، ويقال إن سارة اشتدت بها الغيرة فخرج إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة لذلك، ويدل عليه قول هاجر” يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها فقالت له أالله الذي أمرك بهذا ؟ قال نعم، قالت إذن لا يضيعنا ” رواه البخاري، ومضت السنوات حتى تخطت السيدة سارة التسعين من العمر، وقد ارتضت بنصيبها من الدنيا ونست حلمها بالأمومة.

إلا أن الله تعالي لم ينسى تلك الأمنية التى استقرت طويلا بقلبها وبشرت رسل الله إبراهيم بأنها ستنجب ولدا اسمه إسحاق ولما سمعت السيدة سارة حديث الرسل اندهشت كيف تنجب وهى عجوز عقيم، إلا أن الله لم يحقق أمنيتها وحسب وإنما جعلها أم الأنبياء وجعل أكثر الأنبياء فى ذرية إبراهيم منها، وبعد أن كانت عجوزا عقيما يئست من الأمومة والإنجاب أصبحت أما للأنبياء، زوجة النبى إبراهيم وأم النبى إسحاق أبو النبى يعقوب الذى ينحدر من نسله أنبياء بنى إسرائيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.