بقلم/ محمـــد الدكـــروري
إن منزلة الشهاده في سبيل الله عظيمة ولولا ذلك ما سبق الجهاد الحج في الفضيلة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل أي العمل أفضل؟ فقال ” إيمان بالله ورسوله” قيل ثم ماذا؟ قال ” الجهاد في سبيل الله” قيل ثم ماذا؟ قال ” حج مبرور” رواه البخاري، بل إن الجهاد ذروة سنام الإسلام، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” رأس الأمر الإسلام، وعَموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد” رواه الترمذي، ولو لم يكن للقتل والشهادة في سبيل الله من الأجر الكبير لما تمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتَل في سبيل الله ثلاث مرات، وها هو النبي صلى الله عليه وسلم فيقول ” والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني،
ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أُقتَل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل” رواه البخاري، ويبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف عن كوكبة من شهداء جديدة حتى يبين عزّة هذه الأمة ومكانتها فيقول “من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد” ثم يبين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن للشهيد عند الله ست خصال يُغفر له عند أول دفعة من دمه، ويرى مكانه في الجنة، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما عليها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أهله”
وإن هناك حديث آخر رواه البخاري “يعطى الشهيد ست خصال، عند أول قطرة من دمه تكفر عنه خطاياه، ويرى مقعده من الجنة، ويزوج من الحور العين، ويؤمن من الفزع الأكبر، ومن عذاب القبر، ثم يقول صلى الله عليه وسلم” ويحلى حُلة الإيمان” ولكن الناس لماذا لا يسألون الله الشهادة؟ لأنهم يظنون أنها تنقص من أعمارهم وتقرب من آجالهم، والآجال عند الله معروفة محدودة لا تزيد ولا تنقص، بل أن سؤال الله الشهادة عبادة وأنتم تعلمون بأن العبادة تزيد في العمر وتبارك فيه، فإن الشهداء ضربوا جحافل الجيوش، وخرجوا بعد ذلك أحياء، وهذا سيف الله المسلول خالد بن الوليد يقول خُضت أكثر من مائة معركة، وما في جسمي موضع شبر إلا وفيه ضربة سيف، أو طعنة رمح.
وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا قرت أعين الجبناء، ويقول للروم والفرس جئتكم برجال يحبون الموت كما تحبون الحياة، ويقول صلى الله عليه وسلم مطمئن من يقع شهيدا ماذا يحدث له إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة، ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من أحد يدخل الجنة يُحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع للدنيا فيقتل عشرات المرات، لما يرى من فضل الشهادة” ولقد فتح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الباب للرجل والمرأة للمُسن وللشباب الكبير والصغير للمجاهد وللقاعد فتح باب الشهادة يوم أن قال صلى الله عليه وسلم “من سأل الله الشهادة بصدق بلغه لله منازل الشهداء وإن مات على فراشه”