بقلم / محمـــد الدكـــروري
الجمعة الموافق 2 فبراير 2024
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد لقد أمرنا الله عز وجل بالوفاء بالعهد واعتبر الإسلام من ينقض عهده بأنه من شرار الخلق عند الله تعالى إذ قرن الله تعالى في مواضع مختلفة من القرآن الكريم بين الكفر ونقض العهد، والدليل قوله تعالى “وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين” وكذلك تحريم الطيبات، وهذا ما حصل مع بني إسرائيل عندما نقضوا الميثاق و الضلال عن الطريق المستقيم.
إقرأ أيضاً :
الدكروري يكتب عن أعظم من جميع نعم الله عز وجل
فالله تعالى أضل بني إسرائيل عن سواء السبيل وذلك عندما كفروا بالله تعالى، وخانوا ميثاقهم مع الله عز وجل، وإن للوفاء معاني كثيرة، أجملها صديق قلبه يفيض باهتمام لا يجف، واستثمرت فيك بكل ما ملكت من حب، ووفاء، ونقاء، فكانت خسارتي فيك أكبر خساراتي، وإن لسانك موقفك، فلا تهنه، ولا تكثر في وعد لا تستطيع الوفاء به أو وعيد لا يجد ما يدعمه في قدرتك، فإن الذي لا وفاء عنده لإخوانه عند نزول المحن بهم، لا وفاء عنده لأمته عندما تحتاج إليه، وإن الدنيا مسألة حسابية، اطرح منها التعب والشقاء، واجمع لها الحب والوفاء، واترك الباقي لرب السماء، فإنما هي أشياء تعطى ولا تطلب، عفوية الحديث، اهتمام الأحبة، ووفاء الأصدقاء، فإذا جاريت في خلق دنيئا، فأنت ومن تجاريه سواء.
رأيت الحُرّ يجتنب المخازي، ويحميه عن الغدر الوفاء، ولقد وردت آيات في كتاب الله تحث على الوفاء بالعهد والوعد، منها قوله سبحانه وتعالى ” ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا” وقال الطبري في تفسير هذه الآية ” وأوفوا بالعقد الذي تعاقدون الناس في الصلح بين أهل الحرب والإسلام، وفيما بينكم أيضا، والبيوع والأشربة والإجارات، وغير ذلك من العقود إِن العهد كان مسؤولا، ويقول إن الله جل ثناؤه سائل ناقض العهد، عن نقضه إياه، يقول فلا تنقضوا العهود الجائزة بينكم، وبين من عاهدتموه أيها الناس فتخفروه، وتغدروا بمن أعطيتموه ذلك وإنما عنى بذلك أن العهد كان مطلوبا، وقال عزوجل فى سورة الرعد.
“أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما بتذكر أولوا الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق” وقال الشوكاني في تفسير هذه الآية “أي بما عقدوه من العهود فيما بينهم وبين ربهم، أو فيما بينهم وبين العباد ” ولا ينقضون الميثاق” الذي وثقوه على أنفسهم، وأكدوه بالأيمان ونحوها، وهذا تعميم بعد التخصيص لأنه يدخل تحت الميثاق كل ما أوجبه العبد على نفسه، كالنذور ونحوها، ويحتمل أن يكون الأمر بالعكس، فيكون من التخصيص بعد التعميم على أن يراد بالعهد جميع عهود الله، أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.