الدكرورى يكتب عن أبو عبد الرحمن بن العاص


بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع السيرة النبوية الشريفه، العطرة وعلينا أن نتذكر أنه فى يوم من الأيام نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج لبيت الله الحرام وكان فى هذا العام، قد اجتمع حوله مائة وأربعة وأربعون ألفا من الناس في مشهد عظيم، وكان ذلك المشهد فيه معاني العزة والتمكين، وقد ألقى الله عز وجل بهذا المشهد العظيم الرعب والفزع في قلوب أعداء الدعوة ومحاربيها، وكان غصة في حلوق الكفرة والملحدين ولقد كان قبل هذا المشهد بثلاث وعشرين سنة من ذلكم الوقت، كان هناك فرد وحيد، يعرض الإسلام على الناس فيردونه، ويدعوهم فيكذبونه، في ذلكم الحين كان المؤمن لا يأمن على نفسه أن يصلي في بيت الله وحرم الله، وها هم اليوم مائة وأربعة وأربعون ألف صحابي.

يلتفون حول الصادق الأمين النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في مشهد يوحي بأكمل معاني النصر والظفر، ويجسد صورة رائعة، تحكي بأن الزمن وإن طال، فإن الغلبة لأولياء الله وجنده، ومهما حوربت الدعوة وضيق عليها، وسامها الأعداء ألوان العداء والاضطهاد، فإن العاقبة للحق ولأهل الحق العاملين المصلحين، ولقد سار ذلكم الركب المبارك يدوس الأرض، التي عذّب من عذب فيها، وسحب على رمضائها مَن سُحب، وساروا يمرّون على مواضع لم تزل ولن تزال عالقة في ذكراهم، قد ذاقوا فيها ألوان العذاب والقهر والعنت، وسار النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، ليدخل المسجد الحرام الذي لطالما استقسم فيه بالأزلام، وعبدت فيه الأصنام، وقد دخله طاهرا نقيا، تردد أركانه وجنباته لا إله إلا الله.

ورجع الصدى من جبال مكة المكرمة ينادي لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، فانظر إلى فرد واحد يدعو إلى كلمة الله عز وجل، ويمر الزمان وتنقضى السنوات وتصبح أمه من ألاف البشر المسلمين المؤمنين الموحدين بالله تعالى، ومن هؤلاء هو الصحابى الجليل سعيد بن العاص وهو سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي، وكنيته أبو عبد الرحمن، وقد مات أبوه يوم بدر في جيش قريش، وهو صحابي صغير مات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وله تسع سنين أو نحوها، وكان أحد أشراف قريش وأجوادها وفصحائها الممدّحين، وكان له ذكر في كتب الحديث، وقد روى الحديث عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والسيدة عائشة بنت أبي بكر.

وقد روى عنه الحديث بنوه عبد الرحمن وعثمان والأشدق، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله وغيرهم، وقد عرض عليه القرآن الكريم في خلافة عثمان بن عفان حين جمع القرآن لأن قرائته كانت أشبه بقراءة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تولي الكوفة في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان ما يقارب من خمس سنين، وغزا طبرستان فافتتحها، ولما وقعت فتنة الخلافة بين الإمام علي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان، اعتزل الفتنة، وأقام بمكة، وكان معاوية يقدمه من بين رجالات قريش، وولاه المدينة المنورة سنة اثنين وأربعين من الهجرة، لأكثر من مرة مناوبة مع مروان بن الحكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.