بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الدعاء يدفع الله سبحانه وتعالي به من البلاء ما الله به عليم، فعن سلمان الفارسى رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يرد القضاء إلا الدعاء” ولما كان الصحابة رضي الله عنهم أعلم الأمة بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأفقههم في دينه، كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستنصر بالدعاء على عدوه، وكان أعظم جنديه، وكان يقول لأصحابه لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء، وكان يقول إني لا أحمل هم الإجابة، ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمتم الدعاء، فإن الإجابة معه ، فمن ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة، وقيل أنه غزا محمد بن واسع مع قتيبة بن مسلم، فأصابتهم شدة حتى خافوا الهلاك، فقال قتيبة انظروا محمد بن واسع.
فطلب فوجدوه في صحراء، قائما على ركبتيه يدعو ويشير بأصبعه، فأخبر قتيبة بذلك، فقال قتيبة احملوا على القوم، فإن الله لا يضيع جيشا فيهم محمد بن واسع، فقال بعض رؤساء العسكر إنا لم نرى عند هذا الرجل الذي طلبت كثير قوة، إنما كان يدعو ويشير بأصبعه، فقال لأصبعه الذي أشار أحب إليّ من ألف فارس، وإن من أسباب النصر والتمكين أيضا هو الاجتماع وعدم التفرق والتنازع، فإنه لا يخفى على أحد من الناس أهمية جمع كلمة المسلمين، وأن ذلك سبب في النصر على عدوهم، وقد أمر الله تعالى عباده بالاجتماع في آيات كثيرة ، ودعاهم إلى الاعتصام بحبله المتين، وأخبر أن التفرق والتنازع سبب في حصول الفشل والهزيمة فقال سبحانه وتعالى فى سورة الأنفال.
” وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين” وقال الشنقيطي نهى الله جل وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن التنازع، مبينا أنه سبب الفشل، وذهاب القوة، وهكذا قد جعل الله عز وجل للنصر أسبابا، فإن أخذ بها المسلمون نصرهم الله على أعدائهم الكافرين، وهذه الأسباب كلها مذكورة في كتاب الله الحكيم، وقد قال سبحانه وتعالى فى سورة الإسراء ” إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم” أي للخصلة التي هي أحسن الخصال، وقال سبحانه وتعالى فى سورة الأنبياء ” لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون” ففي هذا القرآن الكريم شرفنا وعزنا ونصرنا، فقال تعالى فى سورة الأنعام ” ما فرطنا فى الكتاب من شئ” فإن تعلم كتاب الله واتباعه هو أصل كل خير.
وهكذا فإن الإيمان بالله هو أعظم أسباب النصر، وإن أركان الإيمان الستة هو أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورُسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره” وهي أصول العقيدة الصحيحة، المبينة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي عقيدة الصحابة الكرام رضي الله عنهم ومن اتبعهم بإحسان، فقال تعالى فى سورة البقرة ” فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا” وكذلك العمل الصالح وهو الذي اجتمع فيه شرطان الإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن القيم رحمه الله ” العمل الصالح هو الخالي من الرياء المُقيّد بالسنة” وكذلك تقوى الله وهي امتثال الواجبات واجتناب المحرمات، وكمال التقوى يحصل بامتثال المستحبات واجتناب المكروهات والتورع عن الشبهات.
وكذلك الإكثار من ذكر الله ودعائه، وأيضا اجتماع الكلمة على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم التنازع والتفرق، فقد قال سبحانه وتعالى فى سورة آل عمران ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” وحبل الله هو كتابه، والاعتصام به يلزم منه اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ إن الله أمر باتباع السنة في كتابه، فقال سبحانه وتعالى فى سورة الأنفال ” وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين” ومعنى ريحكم أي نصركم وقوتكم ودولتكم.