بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحياة اختبار وابتلاء، اقتداء بالأنبياء والصالحين، والمؤمن مأجور على كل حال كما قال صلى الله عليه وسلم ” إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له” والإنسان السّوي هو الذي يفلسف البلاء، فيستخرج منه نعما يغفل عنها وعن شكرها الكثير من الناس، فقد قال بعض السلف “ما أصبت في دنياي بمصيبة إلا رأيت لله فيها ثلاث نعم، أنها لم تكن في ديني، ولم تكن أكبر منها، وأرجو ثواب الله عليها” وهكذا فإن بعض الشر أهون من بعض، ومن نظر لبلوى الناس هانت عليه بلواه، ويجب على الأم تنمية مهارات ذلك الطفل الصغير، فالطفل في بدايته العمرية عندما يتقن مهارة الحوار يقوم بنطق كلمات منفصلة لأنه لا يحسن نطق الجمل المتكاملة، فيبدأ بإرسال مشاعره واحتياجاته من خلال كلمات متقطعة لا يفهمها إلا الوالدان، في هذه الحالة تقوم الأم بتركيب الكلام المتقطع الذي ينطقه، وتكوين جملة بسيطة خاصة بالطفل.
والتأكيد عليه بعد ذلك بأن هذا ما تقصده، وبالتالي فهذه الجملة تخص الطفل فقط، وفي نفس الوقت تكون الأم قد عززت لديه الثقة بالنفس والشعور بالأهمية، وأن هذه الجملة ليست من تكوين الأم، بل من تكوين الشخص نفسه، بالإضافة إلى أن الأم لا بد أن تتقبل دائما ما يعبر به، سواء أكان إيجابيا أم سلبيا، فإذا كان ما يصدر من الطفل سلبيا يفضل أن تلجأ الأم إلى بعض التمارين التي تقوم بتحويل أفعال الطفل من السلب إلى الإيجاب، كما أنه يجب على الأهل أن يحرصوا على أن يسمع الطفل منهم الأشياء الإيجابية لأنه من الهام جدا عند التعامل مع الطفل الصغير، أن يراعي الأب والأم الحوار غير اللفظي، والمقصود به تعبيرات الوجه ونبرة الصوت والحركات لأن الأطفال دائما ما تميل إلى تصديق الحوار غير اللفظي، الذي بدوره يؤدي في النهاية إلى تعزيز ثقته بنفسه، وإن الأنشطة التي من الممكن أن تعزز الإيجابية في شخصية الطفل.
هو أبسط الأشياء في المدرسة حيث بإمكانها أن تزيد من إيجابية الطفل نحو كل شيء، منها الحديث مع الأطفال في سن خمس سنوات عن الله عز وجل، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والخير والشر، ونقوم بربط أشياء عملية في الواقع ببعض التعاليم الإسلامية السمحة كأن نقول للأطفال في المدرسة على سبيل المثال إن الله نظيف يحب النظافة، وبالتالي يعطيه المعلمون دفعة إيجابية قوية يشعر الطفل حينها بأن له دورا أساسيا في هذا الحياة، كما تجعله يشعر بقيمة نفسه، وبالتالي تجدد ثقته في نفسه، ليكون الناتج في النهاية تعزيز شخصية الطفل الإيجابية، ولكن عندما نتحدث عن سن الطفل ذي الشخصية السلبية الذي جاوز الأعوام العشرة، كيف للأسرة أن تخلص هذا الطفل من هذه الشخصية السلبية؟ وأنه عليكم أن تراقبوا أنفسكم أولا في المنزل، بمعنى أن الابن دائما يتصرف نتيجة تصرف الأب والأم في المنزل، فسلوك الطفل ما هو إلا رد فعل على سلوك أبويه.
كأن تقول الأم لطفلها بصوت عالى لا ترفع صوتك، وهي في نفس الوقت صوتها عالى، فأول خطوة على الأهل أن يقيموا تصرفاتهم، ثم يجتهدوا في تحويل تلك السلوكيات السلبية الخاطئة إلى سلوكيات إيجابية، يستطيع أن يستفيد منها الطفل على المستوى الشخصي، لذلك لا بد أن يقوم الآباء بإعطاء بعض الاختيارات الخاصة به في المنزل، والتي تجعله يعتمد على نفسه، كأن يختار أكلته المفضلة، أو أن يختار أدواته المدرسية، أو الألعاب التي يفضلها، أما الخطوة الثانية فهي تشجيع الطفل على السلوكيات الإيجابية، ولكن الأمر الهام أن الطفل يجب أن يؤمن بأنه يعيش في وسط بيئة تتقبل أفعاله وسلوكياته المختلفة، الإيجابية أو السلبية، وأن حب الآباء لهم غير مشروط بأفعال معينة، بغض النظر عن علاماته المدرسية، جيدة أم رديئة، وسلوكياته صحيحة أم خاطئة، مع العمل على إخبار الآباء أطفالهم دائما بأنهم يغضبون من تصرفاتهم السلبية.
ولكن هذا لا يمنع ولا يقلل من حبهم تجاه أطفالهم الصغار، وكما يجب أن يعلم الطفل تمام العلم بأنه في بيئة يكون مُعرضا فيها لارتكاب الأخطاء، والعمل على تصحيحها هو الشيء الأهم، وعندما نتحدث عن تعديل سلوكيات الأطفال السلبية إلى سلوكيات صحيحة إيجابية، يجب أن يبدأ الآباء بتعديل السلوكيات الخاصة بهم، والتي يراها الأطفال يوميا في المنزل، بالإضافة إلى استخدام عنصر التشجيع دائما في كل عمل يقوم به الطفل في حياته، حتى تتحول سلوكيات الطفل تدريجيا إلى سلوكيات إيجابية لأن هذه السلوكيات من الصعب جدا أن يغير قناعته تجاهها في الكبر، وكما يجب على الآباء استغلال كل تصرف أو سلوك يقوم به الطفل وتحويله إلى سلوك إيجابي، فعلى سبيل المثال في مرحلة الطفولة المبكرة، والتي تبدأ عند الطفل من سن الثانية عشرة من عمره، فيبدأ الطفل بالكذب على أمه طوال الوقت.
وفي هذا التوقيت لا يجب على الأم انتقاد تصرفات هذا الطفل بسبب كذبه، ولكن يجب عليها تعزيز الثقة بالنفس لدى الطفل، وتحويل تلك الظاهرة السيئة إلى ظاهرة إيجابية صحيحة من خلال زرع قيمة وأهمية الصدق في نفسية الابن لأنه إذا تعاملت الأم بطريقة خاطئة مع الأمر فيتعقد الأمر شيئا فشيا، وبالتالي لن تستطيع التعامل مع الابن بعد ذلك، وإن من السلوكيات الأسرية التي تترك أثرا إيجابيا، وتسهم في بناء شخصية إيجابية للطفل، وتلك السلوكيات الأسرية تتمثل في تكوين اتجاهات إيجابية لدى الطفل، والاتجاه هو المكون الأساسي الذي ينمي شخصية مبادرة، وشخصية إيجابية، وشخصية مبدعة.