بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد إن للسخرية والإستهزاء صور عديدة وأشكال كثيرة، أعظمها قبحا وجرما هو الاستهزاء بالله تعالى، وهو أن يستهزئ المرء بخالقه ومولاه بالكفر به، والتمرد على دينه، والتجرؤ على كتابه العزيز، فمما لا يجهله أحد من المؤمنين هو أن الله سبحانه وتعالى واحد أحد فرد صمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد، أول بلا إبتداء وآخر بلا إنتهاء، له الأسماء الحسنى والصفات العلا، له كل جلال وكمال وجمال، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، غير أن كثيرا من الناس لم يقدروا الله حق قدره.
فكان من أقبح كفرهم وعنادهم ونفاقهم الإستهزاء بالله تعالي والسخرية منه، سبحانه وتعالى عما يصفون، وتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وإن من السخرية والإستهزاء هو الإستهزاء بالصلاة فقال تعالى في سوة المائدة ” وإذا ناديتم إلى الصلاة أتخذوها هزواً ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون” فكم سمعنا من ساخر بالصلاة والمصلين فهذا سفيه مستهزئ يقول أيها المصلون إذا ذهبتم للجنة فخذونا معكم، وهذا نفعي مستهزئ يستقدم عاملا كافرا مفضلا إياه على العامل المسلم ثم يتبجح بقوله لو أتينا بمسلم لأشغلنا وقطع وقتنا وعملنا بالصلاة، وكذلك السخرية بحجاب المرأة المسلمة، وهذا من أكثر صور الإستهزاء المنتشرة اليوم حيث تشن حرب مسعورة محمومة على الحجاب والمحجبات.
يقود هذه الحرب الدنسة أصحاب الميل للشهوات والمتاجرون في سوق النخاسة بأعراض الناس، وتقول أمينة السعيد وما أخالها أمينة، عجبت لفتيات مثقفات يلبسن أكفان الموتى وهنّ على قيد الحياة، ويقول آخر إن للسفور مساوئ لكنها أقل قطعا من مساوئ الحجاب والنقاب وشبيه بمن يدعونا للعودة إلى الحجاب من يدعونا للعودة إلى ركوب النياق والحمير والبغال هذه هي عقلية عصور الإنحطاط، وأما الحداثي محمد جبر الحربي والمشهور بدفاعه عن أم جميل زوجة أبي لهب فإستمع إليه وهو يقول والنساء سواسية منذ تبت وحتى ظهور القناع تشترى لتباع، وتباع، وثانية تشترى لتباع، ولا يقل في الغمز والسخرية عن هذا أن أحدهم سمى الطالبات المحجبات المسرحية والحراج، وقوارير سوداء.
ووصف خروجهن بالحجاب بأنه مسرحية مدهشة، ويصفهن بأنهن بضائع، وهكذا يتحرك العلمانيون عبر وسائل إعلامية مهمة لنفث سمومهم وللطعن في حجاب المرأة المسلمة، لتخرج عن عفافها وشرفها وتكون لقمة سهلة لذئاب البشر المسعورة ومن ثم تتوارى الفضيلة والعفة وتنتشر الإباحية والزنا والسقوط في حمأة الرذيلة حتى يتحول هذا المجتمع المحافظ على دينه وقيمه وأخلاقه إلى المجتمع الغربي الذي يرزح تحت وطأة الإباحية والسّعار الجنسي وتدمير الأسرة ومحاربة الفضيلة والعفة، فاللهم اجعل عملنا كله صالحا، واجعله يا ربنا لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد غيرك فيه شيئا، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين، واغفر لنا ولهم أجمعين.