الجرح النازف بين الأزواج

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، لقد تفشت في زماننا اليوم ظاهرة الطلاق بصورة كبيرة جدا، وإن من أسباب هذا الجرح النازف هو غياب الحكمة، حيث يمدح الرجل بالحكمة والإتزان، وكذلك المرأة حين يكون من أول مواصفاتها أنها امرأة رزينة ومتأنية عاقلة، وإن غياب تلك الصفة يعني إنهيار الحياة السعيدة ثم سقوط برج الزواج، لكن الملاحظ أن كثيرا من الناس يفتقر إلى الحكمة في إتخاذ القرارات، وخصوصا قراري الزواج والطلاق، وهما القراران اللذان يرسما منعطفا خطيرا في حياة الفرد، فزيجات كثيرة تتم دون السؤال الكافي من الزوج عن المرأة.

وعن تربيتها، عن دينها ومقدار تمسكها به وحرصها عليه، فقد يكتفي كثير من الرجال بالمواصفات الخارجية، وزيجات كثيرة تتم على عجل دون سؤال عن الزوج، إذ يكتفى أيضا بمقدرته المالية أو نسبه الرفيع أو حتى أين سيقيم حفل الزفاف وأين سيمضي بزوجه شهرا من العسل؟ وهنا تختفي الحكمة حين يكون من أسباب الطلاق توافه الأمور، فهذه امرأة تم طلاقها لأنها لم تجيد طبخ نوع من الطعام فأين الحكمة هنا؟ وأخرى طلقها زوجها حين أفسدت آلة من أدوات المنزل وثالثة إختلفت وجهات نظرها مع وجهات نظر زوجها، فكان الطلاق حاسما لهذا الخلاف وهكذا الكثير والكثير من توافه الأمور، وهذا زوج أخذته العزة فرمى كلمة الطلاق على زوجته تحديا حين طلبت ذلك وغير ذلك.

فهناك أمثلة كثيرة توضح أن الحكمة قد غابت أو غُيّبت في مثل تلك المواقف، والحكمة مطلوبة من الطرفين، لكنها في حق الرجل أوجب وذلك لأن زمام الأمور بيده، والمرأة قد تستعجل في لحظة إنفعال وغضب فتطلب الفراق، لكنها حين تسمع الكلمة سرعان ما تعود إلى نفسها فتندم، ولات ساعة مندم، لو يدرك كلا الطرفين أن الإستعجال في إتخاذ القرارات وإرتجالية المواقف ينتج عنه عواقب وخيمة لكليهما لو أدركا لكان للحكمة موقف هنا، وإن من أسباب كثرة حالات الطلاق في وقتنا المعاصر هو كثرة المغريات والمثيرات، فالبساطة التي ترتكز عليها أمور الناس في السابق أوجدت السماحة في المعاملة، على عكس تعقيد الحياة وكثرة المغريات اليوم، فبعض حالات الطلاق في الوقت الحاضر هو نتاج الإنغماس في تلك المثيرات.

فهذا زوج انجرف أمام مغريات القنوات الفضائية، فبدأ يقارن بين زوجته وبين النساء الفضائيات، فزهد بما لديه على أمل أن ينال ما يرى، وهذه زوجة أغرتها الحياة الدنيا وملذاتها فلم تقنع بما لديها وبنصيبها الذي كتبه الله لها، وبدأت تقارن بين حالها وحال مثيلاتها أو حال من هو أعلى منها جاها وحسبا، فزهدت في زوجها رجاء أن يأتيها فارس على صهوة جواد أبيض، فيا أيها الآباء والأزواج ادعوا الله أن يصلح لكم أولادكم وأزواجكم كما دعا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، وكما دعا زكريا عليه السلام فكانت هناك دعوات للأنبياء لأولادهم فاقتدوا بهم في ذلك، وفي الختام نسأل الله أن يصلح ذريات المسلمين حتى يكونوا هداة مهتدين، ينصرون هذه الأمة ويزيلون عنها ما خنق أنفاسها من الجهل والضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.