التوكل على الله والإعتماد عليه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الملك القدوس السلام، الذي أعطى كل شيء خلقه على الكمال وعلى التمام، ورفع السماء بلا عمد والأرض وضعها للأنام، فيها جنات معروشات وغير معروشات والنخل ذات الأكمام، وجبال وظلال ولباس وشراب وطعام، من أطاعه تولاه، ومن غفل عنه لا ينساه، وأشهد أن سيدنا محمدا خاتم الرسل والأنبياء، وإمام المجاهدين والأتقياء، المعصوم صلى الله عليه وسلم فما أخطأ قط وما أساء أما بعد إن من أسباب الرزق هو التوكل على الله والاعتماد عليه والاستعانة به في حصول الرزق فإن من توكل على الله كفاه وقال تعالى ” ومن يتوكل علي الله فهو حسبه ” أي من يعتمد على الله وحده في حصول مطلوبه فهو كافيه، وكما إن من أسباب الرزق هو الدعاء بحصول الرزق فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.

فقال تعالى ” وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ” فقد أمر بالدعاء وتكفل بالإجابة إذا لم يمنع من ذلك مانع من معصية الله بترك واجب أو فعل محرم أو أكل حرام أو لبسه أو استبطاء الإجابة تقول يا رزاق ارزقني وأنت خير الرازقين، اللهم إني اسألك رزقا طيبا واسعا يا من لا تغيض خزائنه مع كثرة الإنفاق، اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيما آتيتني قال صلى الله عليه وسلم “قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه» رواه أحمد ومسلم، وكما إن من أسباب الرزق هو الحمد والشكر لله على رزقه ونعمه عموما فإن الشكر مقرون بالمزيد حيث قال تعالى ” وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ” وإن الإنسان بطبيعته يحب الغنى ويكره الفقر.

وهو لا يعلم عواقب الأمور ورب قليل خير من كثير وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ولعله يجمع المال من حلال وحرام ثم يموت ويتركه لورثته فيكون لهم غنمه وعليه غرمه له الشوك وللوارث الرطب وسوف يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وأغبط الناس في هذه الحياة وأسعدهم فيها من كان رزقه بقدر حاجته وكفايته لا فقر ينسي ولا غنى يطغي ولهذا حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بالفلاح لمن أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه، في الحديث الذي رواه مسلم ودعا لأهل بيته أن يكون رزقهم في الدنيا بقدر القوت فقال في الحديث الذي رواه مسلم والترمذي وابن ماجه “اللهم اجعل رزق آل محمد في الدنيا قوتا” ولا يختار لهم إلا الأفضل، وقلة المال أيسر للحساب وقال تعالى ” بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقي “

وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام ” من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع الله عليه أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة” رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وكما قال صلى الله عليه وسلم ” لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا” رواه الإمام أحمد والترمذي، وكما إن من أسباب الرزق هو أسباب الرزق الكرم والجود والإنفاق في سبيل الله كما قال الله تعالى ” وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين” أي مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وإباحة لكم فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل وفي الآخرة بالأجر والثواب وفي الحديث القدسي قال الله تبارك وتعالى “يا ابن آدم أنفق أنفق عليك” رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم ” ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم اعط منفقا خلفا ويقول الآخر، اللهم أعط ممسكا تلفا” رواه البخاري ومسلم وقال عليه الصلاة والسلام “ما نقصت صدقة من مال” رواه مسلم، فليثق المنفق بوعد الله تعالي وينفق مما رزقه الله عز وجل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.