الإصلاح والتغير ورفع الهمة

 

بقلم / د. فرج أحمد فرج
باحث انثروبولوجي

نسمع كثيرا هذا المصطلح في الاقتصاد والسياسة والحياة الاجتماعية ، وعند ذكر الاصلاح والتغير يستبشر الناس ويوعدون انفسهم انهم مقدمون علي فترة سيتم فيها اصلاح ما افسده ما قبلهم من سياسات .
والاصلاح ليس تغير من افسدوا فقط .. بل ياتي لا بأناس تحمل معها شعار الشفافية والوضوح والمشاركة المجتمعية في كافة القرارات التي تهم حياته ومعيشته .. فهو اولا واخرا المستهدف من الاصلاح لتوفير حاجاته الاساسية في الحياة من ماكل وملبس ومسكن وتوفير خدمات الحياة من تعليم وصحة وثقافة ومشاركة مجتمعية في اتخاذ القرارات .
ويبدأ الاصلاح بالتغير
التغيير هو مفهوم مشتق من الفعل الثلاثي غيّرَ بمعنى بدل الشيء، أو انتقل من حال إلى آخر، ويُعرف أيضاً بأنه عملية تنتج عنها مجموعة من الأشياء، أو الأحداث الجديدة، والتي تستقر مكان أشياء قديمة، ومن تعريفاته الأخرى الاستجابة لمجموعة من العوامل المؤثرة على شيء ما، وتؤدّي إلى تغييره من حالته الراهنة إلى حالة أكثر تقدماً، وتطوراً.
إنّ فكرة التغيير مرتبطة بالعديد من المجالات في الحياة؛ فالإنسان يسعى إلى تحقيق التغيير بشكل دائم، سواءً في ملابسهِ، أو أثاث منزله، أو طعامه، أو غيرها من الأمور الأخرى، لذلك يعدّ التغيير جزءاً من حياة الإنسان، وإن لم يطبّقه بشكل فعلي أو بناءً على إدراك مسبق فيه، فقد يحدث التغيير بالاعتماد على تصرفات لا إرادية، مثل: تغيير الفرد للطريق الذي يذهب منه يومياً للعمل، أو تبديل مكان الأثاث في غرفة الجلوس، وغيرها من التصرفات الأخرى التي ترتبط بشكلٍ مباشر بمفهوم وفكرة التغيير.

هل هناك انقي من الماء فأن ترك مدة طويلة مهما كان نقاءه سيتغير وبدون جريان سيصبح اسن وسيتغير لونه وطعمة .. فحتمية الحياة واستمرارها تكمن في التغير
ماذا قدم من انجازات كي يستمر ويواصل .. وفعلة غير مرضي عنه .. وبتطبيق سياساته .. اصبح المواطن يئن من الغلاء والفقر وعدم الرؤية المستقبلية له ولاولاده وعدم السيطرة علي اي شيء .. وينام ويستيقظ وكله خوف من القرارت المفاجئة دون سابق انذار والاستعداد لها .

هدف التغير ان يتحول ما سبق في طي النسيان وان يلمس المواطن بالتغير للافضل بشفافية وبكل الوضوح .
الحتمية، أي إنّ التغيير أمرٌ لا بد منه، لذلك يعتبر من الأشياء الضرورية في حياة الإنسان، فلا تبقى الأشياء على حالها لفترة زمنية طويلة؛ لأنه من الضروري أن تتغير نحو الأفضل، حتى لا يؤدي عدم تغييرها إلى زوالها مع الوقت.
التطور، أي إنّ التغيير وسيلة من وسائل الارتقاء نحو الأفضل، فيحافظ على انتقال الشيء من مرحلته الحالية، إلى مرحلة أكثر تطوراً.
الاستمرارية، أي إن التغيير عملية مستمرة، سواءً اعتمدت على تخطيط مسبق، أو على التأثر بالظروف، والعوامل المحيطة بالأفراد، لذلك يصنف التغيير ضمن مفهوم الظواهر دائمة الحدوث.
الشمولية، تطبق هذه الخاصية عادةً في المجالات العملية، والتي يرتبط التغيير فيها بالتبديل الشامل لكافّة المكوّنات الخاصة بشيء ما، ومن الأمثلة على ذلك: قيام شركة تجارية بتغيير تصميم المنتج الخاص بها بشكل شامل، حتى يظهر كأنّه منتج جديدٌ عندما يتمّ طرحه في الأسواق.

الاصلاح من المفاهيم الاساسية في منظومة المفاهيم السامية في الاديان ، اذ هو يرد في سياقات مهمة ومتعددة : بدءا من الدلالة علي حالة الارض المحيطة بالانسان او الكون بوجه عام من الاستقامة والتوازن .. مرورا بالدلالة علي رسالة الانبياء في التعمير والعمران وليس انتهاء بترميم العلاقات الانسانية نحو التماسك ونبذ الشقاق .
ويفيد الاصلاح .. اصلاح الشئ ونقيض الافساد بعد فساده .. وتشير الي الاستقامة في النفس وفي الافعال والي الصفاء والسلام في العلاقات بين الناس .

فالانبياء ما جأوا للخلاف مع اقوامهم بل للاصلاح وسعادة الانسان وصلاح اموره ظاهرة وباطنة .. والتشريعات هي توجيهات الامر والنهي مبتغاة الصلاح والاصلاح والاعراض عن ما ينتج الفساد والافساد .
والصلاح هو سلوك طريق الهدي وقيل : هو استقامة الحال علي ما يدعو اليه العقل والصالح : المستقيم الحال مع نفسه والقائم بما عليه من حقوق الله وحقوق العباد والكمال في الصلاح منتهي درجات المؤمن وتمنيات الانبياء والمرسلين .
ويلزم الاصلاح ارتفاع الهمة ،وهي كل شيء سامي وعالي من الفعل والنية الصافية والصادقة والعزيمة الجارفة والارادة القوية الرفيعة والرغبة الاكيدة في التحلي بالفضائل والتخلي من الرذائل والهمة توصف بالعلو وتوصف بالدنو .. فيقال همة عالية وهمة دانية .

والدونية هي الناقص الخسيس .. والدني في حد ذاتها هي عقدة النقص التي تتحكم تقريبا في كل حاجه عنده حتي تصبح اسلوب حياة .
وهو استصغار مادون النهاية من معالي الامور وطلب المراتب السامية واستحقار ما يجود به الانسان عند العطية والاستخفاف بأوساط الامور وطلب الغايات والتهاون بما يملكه وتقديم ما يمكنه لمن يسأله من غير امتنان ولا اعتداد به .
بينما دنو الهمة : هو ضعف النفس عن طلب المراتب العالية وقصور الامل عن بلوغ الغايات واستكتار اليسير من الفضائل واستعظام القليل من العطايا والاعتداد به والرضي بأوساط الامور وصغائرها ويمكن ان يعرف دنو الهمة فيقال هو ايثار الدعة والرضا بالدون والتعود عن معالي الامور .
فالهدف الاسمي من التغير هو ان يتم اصلاح وتغير مجتمعي .
التغير الاجتماعي ويعرف باللغة الإنجليزية بمصطلح (Social Change)، وهو مفهوم مرتبطٌ بعلم الاجتماع، والذي يشير إلى التغير المستمر في المجتمع؛ بسبب تأثير مجموعة من العوامل الاجتماعية، ويعرف أيضاً بأنه ظاهرةٌ من الظواهر الاجتماعية ذات التأثير المستمر، والتي تعتمد على مجموعة من الأفكار البشرية، والنظريات المستحدثة، والآراء، والأيديولوجيات التي يتميز بها كل عصرٍ من العصور البشرية
. إن فكرة التغير الاجتماعي ارتبطت بشكل مباشر بالتغير الفكري عند شعوب العالم، فكلما كان الناس يكتشفون شيئاً حديثاً، ومختلفاً عن الذي اعتادوا عليه، كلما ساهم مساهمةً مباشرةً في تثبيت مفهوم التغير الاجتماعي، والذي أدى أيضاً إلى تغيير الكثير من العادات، والتقاليد التي عرفها الناس، وصارت جزءاً من حياتهم، وهذا ما ظهرَ واضحاً في التغيرات الاجتماعية المرتبطة بطبيعة الملابس، وأوقات الخروج من المنزل، وقبول بعض الأمور التي كانت مرفوضةً في السابق، وغيرها الكثير من التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمعات البشرية.

أنماط التغير الاجتماعي توجد مجموعة من الأنماط التي توضح طبيعة التغير، والتطور الاجتماعي الذي شهده العالم، وخصوصاً من أواخر القرن التاسع عشر للميلاد حتى هذا الوقت، والذي أدى إلى ظهور مصطلحات جديدة لم تكن معروفة مسبقاً عند الناس، أو في علم الاجتماع، والتي أشارت بدورها إلى أنماط التغير الاجتماعي، ومنها:

التقدم الاجتماعي: هو التغير الاجتماعي الذي يشير إلى التطورات العديدة التي ظهرت في المجتمعات، وأدت إلى تغيير العديد من المفاهيم، والأفكار، والوسائل، والأدوات القائمة
الإصلاح الإجتماعي: هو التغير الاجتماعي الذي يساهم في إصلاح، وتعديل مجموعة من المعتقدات السائدة، من خلال استبدالها بأفكار جديدة تتناسب مع الحقبة الزمنية التي توجد بها، مع الحرص على أن تتميز بالقدرة على تطبيقها في المجتمع.
النمو الاجتماعي: هو التغير الاجتماعي الذي يساهم في تعزيز دور كل من التقدم، والإصلاح الاجتماعي، وتأثيرهما الإيجابي على المجتمع
مصادر التغير الاجتماعي تعتمد مصادر التغير الاجتماعي على طبيعة تأثيرها على المجتمع، ومن أهم هذه المصادر: المصادر الداخلية: هي مجموعة المصادر التي تعتمد على الأفكار التي يقترحها الأفراد داخل المجتمع الواحد، والتي تظهر من خلال الوعي الفكري، والثقافي، وزيادة نسبة تأثير التعليم على كل فرد، مما يؤدي إلى العمل على التخطيط لمشاريع جديدة، وحديثة تهدف إلى تطبيق التغير الاجتماعي.
المصادر الخارجية: هي مجموعة المصادر التي يتم تطبيقها خارج المجتمع، ويتم الحصول عليها من قبل العلم، والدراسة، والبحث في طبيعة حياة المجتمعات البشرية الأخرى، وتساعد على تزويد الأفراد بالإنجازات المفيدة التي تم تحقيقها، مع تشجيعها على تجنب تكرار التجارب الخاطئة في المجتمع.
فأذا كانت التأثيرات الداخلية والخارجية لم تعطي ثمارها في الحقبة الماضية والتي كانت ليست ببعيد بل كانت في الامس .. هل في يوم وليله ستأتي ثمارها وبنفس الاشخاص الذين فشلوا في الامس في تحقيق تلك المبتغيات سواء داخلية او خارجية .
تكرار الاخطاء وبنفس الاشخاص والسياسات .. انه الحمق بعينه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.