بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيما وثناء المتصف بصفات الكمال عزة وكبرياء، الحمد لله الواحد بلا شريك القوي بلا نصير العزيز بلا ظهير الذي رفع منازل الشهداء في دار البقاء وحث عباده على البذل والفداء أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه فهو الأول والآخر والظاهر والباطن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمة الكرام النجباء وسلم تسليما كثيرا أما بعد إن الإسلام الجديد الذي يروج له اليوم في الدوائر الإعلامية والرسمية يتكلم به ناس من جلدتنا ويتحدثون عنه بلغتنا وهو ليس الإسلام الذي طلبه الله تعالي منا ورضيه لنا، فليس هو إسلام الجهاد في سبيل الله لنشر دعوة الله بين العالمين لأن ذلك وفق الفهم العصري للإسلام عدوان وهمجية.
تأباها الإنسانية المتمدنة، وإنما هو إسلام التعاون والتآخي بين المسلمين واليهود والنصارى على أساس أن المؤمنين أخوة، وليس هو إسلام الدفاع عن الحقوق والبلاد والعباد لأن ذلك إرهاب يهدد السلم العالمي وإنما هو إسلام المحبة والتصالح مع الأعداء من أجل أمن المجتمعات، والإقرار بحق الأعداء في العدوان على ديار المسلمين من أجل الحفاظ على أمنهم ومصالحهم، وحق إحتلال الأراضي وإقتطاع أجزاء منها تضمن لهم ذلك، وليس هو إسلام الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين وإنما هو إسلام بذل المحبة للجميع للمسلم الصالح وللكافر المعاند لأن ذلك من قيم التحضر والتمدن التي غابت عن المسلمين قرونا طويلة بسبب التأزم النفسي من الصراع مع غير المسلمين، وليس هو الإسلام الذي يمنع الربا في المعاملات المالية والإقتصادية.
لأن ربا اليوم ليس كربا الأمس ربا الجاهلية القائم على الجشع، وإنما ربا اليوم إنما يعمل على رفاهية المجتمعات وتحقيق التنمية، وأن الاقتصاد لا يقوم إلا به وأن الدول لا تنهض إلا عليه، وليس هو إسلام التمسك والإعتصام بالكتاب والسنة وتقديم كلام الله تعالي وكلام رسوله صلي الله عليه وسلم على قول كل أحد، لأن هذا تنطع وتشدد وتزمت، يرفضه دين السماحة واليسر فما خير رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ويتركون بقية الحديث ما لم يكن حراما، وليس هو إسلام إلتزام المرأة بما حد الله تعالي لها لأن هذا يعبر عن النظرة الدونية للمرأة، والهيمنة الذكورية التي تغلب على ثقافة المسلمين التي نشأت بسبب الموروثات البيئية، إضافة إلى عدم الثقة في المرأة مما يحرم المجتمع من قدراتها العظيمة.
وإنما هو الإسلام الذي لا يمنع من تبرج المرأة وإظهارها لزينتها وإختلاطها بالرجال ومشاركتها لهم في كل مجالات العمل ما دام الجميع محافظا على الآداب العامة مع الإحترام المتبادل بين الطرفين، وليس هو إسلام الثبات الذي يظل الحرام فيه حراما والحلال حلالا والواجب واجبا لأن هذا تحجر وجمود ولا يراعي خصوصيات الزمان والمكان والمستجدات العصرية وإنما هو إسلام التطور والمرونة ومجاراة العصر حتى لو أدى ذلك للخروج على أحكامه المعلومة ما دام أن ذلك الخروج يحقق المصلحة فالدين ما جاء إلا لتحقيق المصالح وهكذا والقائمة طويلة ولكن نقول أيها المسلمون إعلموا أن الإسلام دين من عند الله العليم الخبير بكل شيء الرءوف الرحيم بعباده، وأنه ليس نظرية علمية أو إكتشاف قابل للتغيير والتبديل مع تطور النظريات العلمية أو تجدد الإكتشافات.