سمير السعد
عندما نقول إنَّ أعظم ثروة يمتلكها الإنسان هي أمه، فإننا نُشير إلى جوهر الحياة وأساس الاستقرار النفسي والاجتماعي. الأم ليست فقط منبع الحب والحنان، بل هي المعلمة الأولى، التي تنسج بخيوط محبتها ودعواتها درعًا يحيط بنا في مواجهة العالم، وكأنها شمس تنير طريقنا وتمنحنا الطاقة للاستمرار.
في مدينة نابولي الإيطالية يُقال: “من يمتلك أمًا فهو غني لا يعرف الفقر.” هذه المقولة تعكس الحقيقة الجوهرية في حياتنا؛ فالأم تبقى أمًّا مهما كبرنا، ومهما زادت مسؤولياتها، يبقى حضنها المكان الذي نلجأ إليه عندما تضيق بنا الدنيا.
الأم، بعطائها وحنانها، تتجاوز كل حدود المنطق وتخضع فقط لقانون العاطفة. هي التي تهب أبنائها الثقة، والأمل، والسعادة دون مقابل، فكيف لا تكون أعظم كنزٍ نمتلكه؟ حياتها مليئة بالليالي الساهرة والجهود التي لا تُحصى، كل هذا بدافع من حبٍ خالص ورغبة صادقة في رؤية أبنائها في أفضل حال.
وفي مشهد من حياة الأم، نجدها تصلي وتدعو لأبنائها في كل وقت. دعاؤها هو الوشاح الخفي الذي يحمينا ويبعد عنا الشرور. كلماتها التي تهمس بها إلى الله كل مساء، هي نورٌ نلمسه في خطواتنا اليومية.
الحديث عن عظمة الأم، نقف خاشعين، داعين الله أن يحفظ أمهاتنا الأحياء، وأن يمنحهن الصحة والعافية، وأن يتغمد برحمته الأمهات اللواتي رحلن عنا، ففقدان الأم ليس خسارة لشخصٍ عزيز فقط، بل فقدان للأمان، والدفء، والسند الذي لا يعوض.
نحن مدينون للأم بكل لحظة سعادة، وكل نجاح حققناه. فهي التي علمتنا معنى الثبات في وجه المصاعب، وأهدتنا إيمانًا بأنفسنا، وساعدتنا على الوقوف مجددًا بعد كل سقوط. وإذا ما فقدناها، نفقد معها جزءًا من أرواحنا، وكأن الحياة تنقص شيئًا من معناها ووهجها.
دعاؤنا اليوم لكل أم، أن يحفظها الله لأبنائها ويجعلها تاجًا فوق رؤوسهم، وأن يرحم من غابت عنهم، ويجعل مثواها الجنة، ويملأ قلوب أبنائها بالصبر والسكينة. ستظل الأم دائمًا الحكاية الأجمل في حياة كل إنسان، الحكاية التي لا تنتهي، والمصدر الذي ينبع منه الحب الصادق والدعوات الحانية.
فيا رب، اجعل للأمهات حياة تليق بتضحياتهن، واجعلنا دائمًا أهلًا لتلك المحبة التي لا تُقدر بثمن.
حنان الأم هو الحب الخالص الذي لا يعرف قيودًا، ولا يُقاس بالحدود، حبٌّ يجسد العطاء المطلق من دون مقابل. عاطفتها لأبنائها تفيض كالماء الزلال، تروي أرواحهم وتبعث فيهم الأمان والسكينة، وتُعلّمهم معنى الحنان منذ لحظة ولادتهم. هي من تحملهم في قلبها قبل أن تحملهم في أحشائها، وتصبر على السهر والتعب، لتكون بجانبهم عند الحاجة.
الأم تبقى سندًا لأبنائها مهما تقدم بها العمر، حبّها يمتد عبر الزمن، يدعمهم في صغارهم، ويحتويهم في ضعفهم، ويشاركهم فرحتهم في كل إنجاز. هي من تُضحي براحتها وسعادتها في سبيل راحة أبنائها، وتظل تملأ حياتهم بالدفء والاهتمام.
عاطفة الأم تمتد كيد حانية تمسح عنهم ألم الأيام، وتمنحهم الثقة والشجاعة ليواجهوا الحياة. كم من مرة نجدها تدعو لهم في الخفاء، وتتحمل صعوبات الحياة بابتسامة ورضا، لتصنع لهم عالمًا مليئًا بالحب والأمان.
فحب الأم وحنانها هو أثمن إرث يملكه الإنسان، هو شعلة دائمة تنير دروب الأبناء، وكنز يُدرك قيمته كل من نشأ في ظل حضن دافئ وأمٍّ حنونة.
“خلاصة القول ” لا يسعنا إلا أن نقف بإجلال أمام عظمة الأم ومكانتها التي لا يضاهيها أي دور آخر في الحياة. فهي رمز القوة، والحنان، والتضحية، التي تتجاوز أي وصف أو تعبير. الأم ليست مجرد إنسان في حياتنا؛ إنها روح تسكن أعماقنا، ونبض يرافقنا في كل لحظة، وجسر أمان نعود إليه مهما تباعدت بنا المسافات.
اللهم احفظ أمهاتنا، وارحم من رحل منهن. آمين.