الأدب


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من الأسباب التي تَبث محبة الله تعالى في النفوس هو تيقن العبد أن الله تعالى من على عباده بشريعة سهلة ومُيسرة فلم يكلفهم فوق طاقاتهم، وأيضا تسهيل الله تعالى توبة العباد من الذنوب والمعاصي، وجعل لها بابا مفتوحا فما هي إلا ندم القلب على فعل الذنب وطلب المغفرة والعفو عنه، كما أن الله تعالى يفرح بتوبة عبده فيغفر ذنبه، ويبدل سيئاته حسنات، وإن الأدب ثلاثة أنواع، هو أدب مع الله سبحانه، وأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعه، وأدب مع الخلق، فأما الأدب مع الله عز وجل، فيكون بالحياء منه سبحانه، وتعظيم أمره ونهيه، والوقوف عند حدوده والإقبال عليه وحده رغبا ورهبا وخوفا وطمعا.

وإن الأدب مع الله هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرا وباطنا، ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله، إلا بثلاثة أشياء، معرفته سبحانه بأسمائه وصفاته، ومعرفة بدينه وشرعه وما يحب ويكره، وثالث ذلك نفس مستعدة قابلة لينة، متهيئة لقبول الحق علما وعملا، وأما الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فالقرآن مملوء به، ورأس ذلك عباد الله التسليم له والانقياد لأمره وتلقي خبره بالقبول والتصديق، وأن لا يتقدم بين يديه بأمر ولا نهي، ولا إذن ولا تصرف حتى يأمر هو وينهي ويأذن، كما قال الله تعالى في سورة الحجرات ” يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله” أي لا تقولوا حتى يقول، ولا تفعلوا حتى يأمر.

وهذا باقي إلى يوم القيامة، فالتقدم بين يدي سنته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، كالتقدم بين يديه هو صلى الله عليه وسلم في حياته، وأما الأدب مع الخلق، فهو معاملتهم على اختلاف مراتبهم بما يليق بهم، فلكل مرتبته من الأدب، فمع الوالدين أدب خاص، ومع العالم أدب خاص، ومع الأقران أدب وهكذا، ولكل حال من الأحوال أدب، فللأكل آدابه وللشرب آدابه، وللركوب والدخول والخروج والسفر والإقامة والنوم آدابها، ولقضاء الحاجة آدابه، وللكلام آدابه وللسكوت والاستماع آدابه، والأدب هو الدين كله، إذ الدين عباد الله، إذ الدين هو دين الأدب الرفيع في أوامره الحكيمة وإرشاداته القويمة وتوجيهاته العظيمة.

رزقنا الله وإياكم التأدب بآداب الإسلام والتمسك بآداب الشريعة، ونسأله جلت قدرته أن يرزقنا وإياكم أحسن الأخلاق والآداب لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا هو، وأن يغفر لنا ولكم ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنه هو الغفور الرحيم، وكما تجب محبة الله تعالى تجب محبة رسوله صلى الله عليه وسلم وهي تابعة لمحبة الله ولازمة لها، في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين” ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي دلنا على هذا الدين العظيم.

وما فيه من الخير العميم، وبين لنا طريق النجاة وسبيل السعادة وحذرنا من الشر والهلاك فبسببه اهتدينا، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي متابعته وطاعته، فمن ادعى محبة النبي صلى الله عليه وسلم بدون متابعته والتمسك بسنته وترك البدع المحدثة في الدين، فهو لم يصدق في دعواه فمحبة الله ومحبة رسوله تكون بالطاعة والامتثال، وطاعة الرسول هي طاعة لله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.