ابو العيش يؤكد على اهمية الزراعة الحيوية ومعيار “اقتصاد المحبة” كنموذج لنظام غذائي للمستقبل

كتب : ماهر بدر

شارك السيد حلمي أبو العيش، رئيس مجلس امناء جامعة هليوبوليس ورئيس مجموعة سيكم التنفيذي، في مؤتمر برلين لوزراء الزراعة المُقام خلال المنتدى العالمي للأغذية والزراعة (GFFA) لهذا العام. بحضور 70 وزير زراعة من جميع أنحاء العالم

القى حلمي ابو العيش كلمة عن التزام مجموعة سيكم لمعالجة تحديات الزراعة التقليدية وإمكانات الزراعة الحيوية لإنشاء نظام غذائي مستدام والتغلب على قضايا المناخ.

بدأ حلمي ابو العيش خطابه بتحية الحضور من وزراء الزراعة وممثلي المنظمات الدولية وتقديم نفسه كرئيس اتحاد ديميتر الدولي، وهي أكبر منظمة معتمدة للزراعة الحيوية وواحدة من أهم ثلاث جهات معتمدة للأطعمة العضوية تتواجد في 60 دولة حول العالم.

اشار حلمى ابو العيش الى ان مصر تواجه الآن تحديات مماثلة لما تواجهه العديد من البلدان الأخرى حول العالم. ولكن بالنسبة إلينا، نحن نواجه مشكلة كبيرة تتمثل فى وجود سبعة ملايين فدان فقط على طول نهر النيل للزراعة وإنتاج الغذاء لـ 110 مليون مصري من قبل سبعة مليون مزارع. وذلك إلى جانب وجود نهر النيل فقط كمصدر مائي يساهم بحوالي 50% من المياه التي نحتاجها لإنتاج الغذاء لجميع سكان مصر بالإضافة إلى صعوبة شراء العديد من المواطنين البالغ عددهم 110 مليون نسمة للمنتجات الحيوية أو العضوية ودفع أسعارًا مرتفعة.

لهذا السبب، أنشأ المرحوم إبراهيم أبو العيش، سيكم في عام 1977 كنموذج لنظام غذائي للمستقبل. عندها قال له الجميع أن ينسى الأمر، ,إنه أمر جنوني ولن ينجح هذا أبدًا في مصر، وهو أمر لا مفر منه أنه “مهمة مستحيلة”.

أما الآن، فأنا سعيد جدًا لمشاركتكم أنه على مدار الـ 46 عامًا الماضية تطورت معجزة في الصحراء، حيث تخلصنا نهائياً من المناطق الصحراوية، إذ يمكننا إثبات أن الزراعة الحيوية قادرة على تطوير تربة حية يمكن لجميع محاصيل مصر الزراعية أن تنمو بها. واليوم، ينتج لدينا خمسة آلاف مزارع – من صغار المزارعين – جميع أنواع المحاصيل ذات الغلات المماثلة للمزارعين التقليديين، مع استخدام مياه أقل لكل محصول مقارنة بالمزارعين التقليديين، ويعزلون مئات الآلاف من الأطنان من ثاني أكسيد الكربون في تربتهم وأشجارهم ويتمتعون بحياة ودخل أفضل مقارنة بالمزارعين التقليديين.

إلى جانب ذلك، يقوم العاملين معنا في مجموعة سيكم البالغ عددهم 2000 فرد بمعالجة المواد الخام الحيوية واستخدامها في العديد من المنتجات مثل الأدوية والملابس للسوق المصري المحلي والتي من أرباحها يتم إنشاء مدارس ومستشفيات سيكم وجامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة.

على الرغم من ذلك، لا يزال سؤال: هل يعتبر هذا النموذج قابل للتطوير؟ يتكرر من البعض. ويسعدني جدًا رؤية العديد من التقارير الدولية اليوم في المؤتمر والتي تشير إلى القضايا التي نتناولها وهو ما يثبت أن الزراعة المتجددة والحيوية والعضوية يمكن أن تكون جزءًا مهمًا جدًا من حل مشكلة تغير المناخ. ففي تقاريرنا الأخيرة، على سبيل المثال، يمكننا أن نرى أنه عندما نتبع مبادئ محاسبة التكاليف الحقيقية، بما في ذلك التكاليف الخفية، والتكاليف الخارجية، أن الزراعة المتجددة والحيوية والعضوية أصبحت اليوم أقل تكلفة من الزراعة التقليدية.

كما أن حالياً، يعتمد معيار “اقتصاد المحبة” الخاص بنا على شهادة الديناميكية الحيوية وسلاسل توريد ذات شفافية بنسبة 100%، ليعرف جميع الأفراد ما يحصل عليه ويكسبه الآخرون.ونقوم بالتحقق من صحة خدمات النظام البيئي لأرصدة الكربون للمزارعين الخاص بنا لتحسين دخلهم. فقد قمنا بتطوير نظم تمويل مبتكرة لدعم المزراعين خلال مراحل انتقالهم للزراعة الحيوية وتعليمهم المستمر.
من خلال هذا المعيار في استطاعتنا الإجابة على الأسئلة الأربعة التي يجب أن يتمكن أي نظام غذائي للمستقبل من الإجابة عليها:

ما هو تأثير الغذاء على البيئة؟
ما هو تأثير الغذاء على الإنسان؟
ما هو تأثير الغذاء على المجتمع؟
ما هي التكلفة الحقيقية لإنتاج الغذاء؟

لقد تمكنا من القيام بذلك بنجاح من خلال معيار “اقتصاد المحبة” الخاص بنا عن طريق تطوير نزاهتنا والنظام الغذائي الخاص بنا بأكمله وأرصدة الكربون الزراعية بناءً على منهجيات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وآلية التنمية النظيفة، والتي إذا تم تطبيقها من قبل جميع المزارعين – سبعة مليون مزارع – وهو ما سيحدث في مكان ما في المستقبل، سيكون له تأثير كبير ومنه خفض الانبعاثات في مصر بنسبة 30% من خلال المزارعين أنفسهم، أبطال المناخ الحقيقيين.

كما سيحصل مزارعونا على دخل أفضل بنسبة تتراوح بين 50% إلى 100%، لأن أرصدة الكربون الخاصة بهم سيتم بيعها أسعار مخفضة تتراوح بين 25 إلى 30 يورو وهو ما سيحسن دخل الفدان من 200 إلى 400 يورو، ويعتبر أكثر ما يحصله مزارعينا من كسب العديد من المحاصيل، وهو ما يُمكنهم بدوره من بيع محاصيلهم الحيوية في مصر بالأسعار المألوفة.

بإلهام من هذه الرؤية، بذلنا الكثير من الجهود لتوسيع نطاق “اقتصاد المحبة”. فنهدف الآن إلى الوصول إلى 40.000 مزارع في العامين المقبلين، حيث أننا نتجه بالفعل نحو تحقيق 250.000 مزارع على مدى السنوات القادمة. كما كنا سعداء للغاية لتلقينا الكثير من التقدير لهذا النظام. فقد حصلنا على جائزة سبل العيش وهي جائزة نوبل البديلة وجائزة الريادة الاجتماعية من منتدى الاقتصاد العالمي. ولقد طُلب مني – كحلمي أبو العيش – أن أكون عضوًا في نادي روما ومستشارًا لمجلس المستقبل العالمي، كما كنت مؤخرًا عضوًا في اللجنة التوجيهية لفريق أبطال المناخ، الذي قام بصياغة بيان خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، وقام بتوقيعه 159 دولة. وبعد توضيح كل ما سبق، تحتاج تلك الدعوة إلى العمل المشتركة إلى دعمكم، لأننا نطالب بالاعتراف بالنظام الغذائي بأكمله، وأرصدة الكربون الزراعية ووصولها إلى سوق الكربون الطوعي للحصول على سعر عادل لأرصدة الكربون الزراعية. ونتمنى دعمكم لنا في هذه المهمة لأنها ستساعد جميع المزارعين على مستوى العالم.

نحن سعداء بدعم الحكومة المصرية لنا ولقد شهدنا قانون الكربون الطوعي في مصر العام الماضي، والذي مكن سلطتنا التنظيمية المالية من إنشاء بورصة الكربون الأفريقية، في البورصة المصرية، على منصة يستطيع مزارعونا – من أصحاب الحيازات الصغيرة – بيع أرصدة الكربون الخاصة بهم بالمزاد العلني للشركات المحلية والعالمية.

على الرغم من أن كل ما سبق يعطي الكثير من الأمل، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من المشككين في إمكانية تغيير نظامنا الغذائي. ومن جانبي، أقوم باقتباس مقولة أحد أهم القادة الافريقيين – نيلسون مانديلا – والذي قال ذات مرة: “يبدو الأمر مستحيلا دائمًا حتى يتم تحقيقه”.

بهذه الروح، أتمنى لكم كل التوفيق في جهودكم لتغيير النظام الغذائي. ويسعدني أن تقدم لكم سيكم دعم في كل ما يخص حركة الزراعة الحيوية والعضوية، كما يسعدني شخصيًا أن أدعوكم للحضور إلى مصر لزيارة سيكم، ورؤية ما نفعله على أرض الواقع، لأن الأجيال القادمة ستحكم على أعمالنا وليس على نوايانا فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.