إبتعدوا عن أسباب الشقاء والغواية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد إن موت الفجأة لهو جرس إنذار لنا لنستيقظ من غفلتنا، ولنتنبه من رقادنا في وقت إنشغل فيه الناس بالدنيا ونسوا الآخرة، ونسوا أنهم قادمون على الله تعالى فكيف نكون مستعدين لهذا الزائر المفاجئ؟ فيجب أن نستعد له أولا بتطهير أنفسنا من أنواع الشرك بالله تعالي لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول “مَن لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومَن لقيه يشرك به شيئا دخل النار” ثم نطهرها من أمراضها المقيتة، من حسد وغل وكبر وغش، وغيرها من الأمراض التي تعتري القلوب.

وتكون سببا في فساده وهلاكه، ولا ينجو يوم القيامة إلا من سلم من تلك الأمراض، فقال تعالى ” يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم” فيكون سليم من جميع تلك الأمراض، وأعظمها مرض الشرك بالله سبحانه وتعالى، وإن التوبة الصادقة النصوح من جميع الذنوب والسيئات، لهو الإستعداد الأمثل لموت الفجأة، فقال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا توبوا إلي الله توبة نصوحا ” فالتوبة التوبة والرجوع إلى الله تعالى، ولنكن على أهبة الاستعداد دائما كما كان حال كثير من سلفنا رحمهم الله تعالى، فقد كانوا متأهبين وللموت مستعدين، حتى إنه لو قيل لواحد منهم إنك ستموت الساعة لم يكن هناك ما يزيد به عمله، لأنه قضى جل وقته في الطاعة فهذا أنس بن عياض يقول.

“رأيت صفوان بن سليم، لو قيل له غدا القيامة ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة ” وقال عبد الرحمن بن مهدي “لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غدا، ما قدر أن يزيد في العمل شيئا” وقال بكير بن عامر “كان لو قيل لعبد الرحمن بن أبي نعم قد توجه إليك ملك الموت ما كان عنده زيادة عمل” وقال سفيان الثوري “لو رأيت منصور بن المعتمر، لقلت يموت الساعة” وما ذلك كله إلا لأنهم شغلوا أعمارهم وأوقاتهم بالطاعة، وإبتعدوا عن أسباب الشقاء والغواية، ومن عجيب ما يقدر الله تعالى على الإنسان موت الفجأة، ويكون عاما وخاصا، أما العام فيشمل أهل بلاد بوقوع وباء مهلك يحصد الأرواح، ويملأ المقابر، ويتساقط الناس فيه سراعا، حتى تفنى أسر وعشائر بأكملها.

وتغلق دور وتخلو مدن من ساكنيها، وحفار القبور لا يرفع ظهره من كثرة من يدفنون فما يلبث أن يدفن هو فيما حفر من قبور، وكم من مغسل للموتى غسل على ذات السرير الذي يغسل الناس عليه، وقد وقع ذلك كثيرا في التاريخ في القديم والحديث، وفي الشرق والغرب، وفي وقت الصحابة رضي الله عنهم هلك كثير منهم ومن التابعين في طاعون عمواس الذي ضرب بلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمات فيه خلق كثير، ومن مشاهير من مات فيه من الصحابة أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وزوجتاه وأولاده كلهم وأبو جندل رضي الله عنهم، وكانت هذه الأوبئة العامة تنتقل من بلاد إلى بلاد، وتعاود الظهور زمانا بعد زمان.

وتشمل أحيانا الإنسان والحيوان كما وقع في أخريات القرن الخامس إذ كثرت الأمراض بالحمى والطاعون في العراق والحجاز والشام وأعقب ذلك موت الفجأة ثم ماتت الوحوش في البراري ثم تلاها موت البهائم حتى عزت الألبان واللحوم، فيما ذكره المؤرخون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.