أهمية النية الصالحة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ضمادا قدم مكة، فقيل لضماد إن رسول الله صلي الله عليه وسلم مجنون أو دخل فيه جن، أو مصاب بمرض، وكان هذا الرجل طبيبا يداوي الناس من الأمراض، فقال لعل الله يشفيه على يدي، فلما جاء إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم قرأ عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الكلمات الجامعات ” إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد، فقال ضماد أعد كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ثلاث مرات، فقال لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن ناعوس البحر، يعني وسط البحر وعمق البحر من شدة تأثيرهن.

فقال هات يدك أبايعك، فبايعه، ثم قال له صلي الله عليه وسلم وعلى قومك قال وعلى قومي، يذهب إليهم داعية إلى الله عز وجل، وقد يقول قائل ما أهمية هذه النية الصالحة؟ فأهميتها أن الإنسان بهذه النية دائم المراقبة لله عز وجل، فيكون معصوما من الانزلاق، في الانحرافات، بينما من يتمتع باللذائذ، ومتع الحياة، بدون نية التقرب إلى الله عز وجل، تكون متعه سبيلا للانزلاق في المحرمات وفي المكاره، ولهذا نجد أن المؤمن الصادق الصالح، كل حركة من حركاته، وكل عمل من أعماله، فهو في طاعة، وهو في عبادة، ونذكر في هذا قول الله عز وجل كما جاء فى سورة محمد ” والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم” وإن عملية الأكل واحدة، ولكن المؤمن حينما يكون قاصدا النية الصالحة، فإن يبتعد عن الانزلاق، وعن الانحراف.

وهو متحقق بالمراقبة لله عز وجل في كل عمل من أعماله، وفي كل سلوك من صفاته، بينما غير المؤمن، أو المتساهل في أمر النية، فإنه يفقد أجرا عظيما، وثوابا كبيرا، هذا إذا كان مع الإيمان، أما بدون الإيمان، فيقول تعالى كما جاء فى سورة الفرقان” وقدمنا إلى عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا” وإذا كان الإسلام قد وسع من مفهوم العبادة، حتى جعل الأعمال العادية، والحظوظ الدنيوية، والمتع الشهوانية، جعلها عبادة من العبادات، ولكن هذا لا يغني أبدا عن المراكز الأساسية للعبادة التي اعتبرها الإسلام أركانا أساسية، ألا، وهي الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، وأن هذه الأركان الأربعة، بعد ركن الشهادتين، لا بد منها، ولا بد من التقيد بها لأنها دليل على إيمان المؤمن، وما يزعمه بعض الجاحدين بأن الدين في القلب، وفي العمل، ولا حاجة للصوم.

ولا للصلاة، ولا لهذه الفرائض، طالما تعامل الإنسان مع الآخرين تعاملا سليما صحيحا، وهذا قول قصد به القضاء على القيم، وعلى الدين من أساسه، ولو صح هذا القول لجاز لكل ملحد مضلل، ضال، مخرب أن يدعي أنه من أول المتعبدين، فلا بد من هذه الأركان، ولا يغني عنها شيئا لأن هذه الأركان وسيلة لتحقيق الأهداف الصحيحة في السلوك والمعاملة، أليس الله عز وجل يقول كما جاء فى سورة العنكبوت” إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر” والرسول صلى الله عليه وسلم يقول “من لم تنهه صلاته عن الفحشاء لم يزدد من الله إلا بعدا” أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وأيضا الزكاة قال تعالى فى سورة التوبة ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها” وأيضا الصوم يقول الله تعالى فى سورة البقرة ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وأيضا الحج يقول الله تعالى فى سورة الحج ” ليشهدوا منافع لهم”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.