تقارير وتحقيقات
أنقذوا أطفال الشوارع .. فهم قنابل موقوتة يمكن تحويلها لطاقة منتجة
تحقيق / عبير سعيد
نبدأ حديثنا عن القنابل الموقوتة .. وهم أطفال الشوارع .. وعن المتسولين … الذين يبتزون الناس ويلبسون عباية الإسترحام، فأطفال الشوارع هم الأطفال تحت سن 18 سنة الذين يعيشون بلا مأوى، ويقضون ساعات طويلة من يومهم كله في المساحات العامة وينتشرون في مناطق الجنوب من الكرة الأرضية وما يعرف بالبلاد النامية… ويشكل حقوق الطفل الشغل الشاغل للعالم أجمع، ليس لكونه إنسان بالدرجة الأولى كغيره من الفئات العمرية له حقوق بل لكونه يقع في فئة عمرية يحتاج للعناية والرعاية وتوفير كافة حقوقه له و حمايته من كل أشكال العنف والاستغلال . وكان الأساس أن البشرية أفضل مدينة للطفل بأفضل ما عندها وأن الآباء والمنظمات التطوعية وغيرهم مطالبين بالاعتراف بجميع الحقوق والحريات المنصوص عليها. وتعتبر مشكلة أطفال الشوارع قضية إجتماعية وليست مسؤولية مؤسسة بعينها بل مسؤولية الجميع.
وهناك إختلاف على تعريف أطفال الشوارع، بينما البعض يحددون طفل الشارع بأنه الطفل الذي يعيش بصورة دائمة في الشارع بلا روابط أسرية أو بروابط أسرية ضعيفة، يذهب آخرون لضم كل الأطفال العاملين في شوارع المدن لتلك الفئة. وهذا الإختلاف في التعريف يؤدي لاختلاف كبير في تقدير الأعداد. وتقسم اليونيسف أطفال الشوارع 3 فئات :
1- قاطنون بالشارع : وهم الأطفال الذين يعيشون في الشارع بصفة عامة بما يضمه من مبان مهجورة، حدائق عامة وأماكن أخرى، وهم أطفال يعيشون في الشارع بصورة دائمة أو شبه دائمة بلا أسر وعلاقاتهم بأسرهم الأصلية إما منقطعة أو ضعيفة جدا.
2- عاملون بالشارع : وهم أطفال يقضون ساعات طويلة يوميا في الشارع في أعمال مختلفة غالبا تندرج تحت البيع المتجول والتسول. وأغلبهم يعودون لقضاء الليل مع أسرهم وفي بعض الأحيان يقضون ليلهم في الشارع.
3- أسر الشوارع : وهم أطفال يعيشون مع أسرهم الأصلية بالشارع. وتبعًا لهذا التعريف قدرت الأمم المتحدة عدد أطفال الشوارع في العالم ب 150 مليون طفل.
#أسباب انتشارهم :
هناك العديد من الأسباب لانتشارهم من أهم الأسباب هو عدم إهتمام الحكومة بمتوسط دخل الفرد وعدم إنشاء دور الرعاية لهم :
1- الفقر : والذي يجعل الأسر تدفع بأبنائها إلى ممارسة أعمال التسول والتجارة في بعض السلع الهامشية مما يعرضهم لانحرافات وإلى مخاطر الشوارع كذلك.
2- الأوضاع الأسرية : تلعب الظروف الأسرية دورا أساسيا في إنتشار ظاهرة أطفال الشوارع وأبرز تلك العوامل هي :
– تفكك الأسر إما بالطلاق أو الهجر أو وفاة أحد الوالدين.
– كبر حجم الأسرة عن الحد الذي يعجز فيه الآباء عن توجيههم وتلبية احتياجاتهم.
-ارتفاع كثافة المنزل إلى درجة نوم الأبناء مع الوالدين في حجرة واحدة.
– الخلافات والمشاحنات المستمرة بين الزوجين.
العوامل المجتمعية :
– نمو وانتشار التجمعات العشوائية التي تمثل البؤر الأولى والأساسية المستقبلة لأطفال الشوارع.
– التسرب من التعلم ودفع الأطفال إلى العمل و التسول في الشارع.
– قلة مدارس التعليم الإلزامي.
– نقص الأندية والأبنية.
– تفاقم حدة مشكلة الإسكان وعدم توافر المسكن الصحي وعدم تناسب السكن مع حجم الأسرة.
– اتساع مفهوم الحرية الفردية.
– ارتفاع نسبة البطالة بين أرباب الأسر التي – تدفع بأطفالها إلى الخروج و التسول في الشارع.
المشكلات الصحية وأبرزها :
– التسمم الغذائي: ويحدث للأطفال نتيجة أكل أطعمة فاسدة انتهت صلاحيتها للاستخدام الآدمي، ولكن أطفال الشوارع يجمعونها من القمامة ويأكلونها.
– الجرب: فالكثير من أطفال الشوارع مصابون بالجرب.
– التيفود: وهو مرض منتشر بين أطفال الشوارع نتيجة تناول خضروات غير مغسولة يجمعها أطفال الشوارع من القمامة أو بسبب تناول وجبة طعام تجمَّع عليها الذباب.
– الملاريا: نتيجة لأن أطفال الشوارع معرضون لكميات هائلة من الناموس الناقل للملاريا أثناء نومهم في الحدائق العامة ليلاً دون أغطية تحميهم.
– الأنيميا: يصاب أطفال الشوارع بالأنيميا نتيجة عدم تنوع واحتواء الوجبات التي يأكلونها على جميع المتطلبات الضرورية لبناء الجسم نتيجة فقرهم وعدم توفر نقود لديهم.
– كحة مستمرة وتعب في الصدر : وذلك نتيجة استنشاق أطفال الشوارع لعوادم السيارات و لتعرضهم لها طوال اليوم بالإضافة إلى تدخينهم السجائر وتعرضهم لنزلات البرد في الشتاء نتيجة بقائهم في الشارع.
وأكد عدد من المسؤولين وفئات المجتمع ضرورة التواصل مع عناصر الشرطة، والإبلاغ عن المتسولين في أماكن انتشارهم عبر رقم غرفة العمليات 999 ، أو مراكز الشرطة المختصة، حفاظآ على الوجه الحضاري للدولة.
وسجلت الإحصاءات الأخيرة انخفاضاً تدريجياً لظاهرة التسول خلال السنوات الأخيرة، ويأتي هذا الانخفاض بفضل الحملات المكثفة والجهود المستمرة التي تقدمها الجهات المعنية بالتنسيق مع الجهات الأمنية للتصدي لظاهرة التسول، فضلاً عن وعي المجتمع وفئاته وإدراكه لخطورة الظاهرة.
إن الدور قائم على المجتمع نفسه في التحري عن مصداقية أولئك ومدى كذبهم من أجل مكافحة التسول عبر التوعية المستمرة التي تهدف إلى تبيان المظاهر الغير أخلاقية من خلال التوعية الإعلامية، المتكررة المرئية والمسموعة والمقروءة، وكذلك خطباء المساجد وغيرها من الوسائل، وطالبت أفراد المجتمع بالإبلاغ عن أي متسول حتى يكون عبرة لغيره، خاصة من يجدونه قادراً على العمل حتى يتم إلحاقه بمهنة بدلاً من التسول.
عزيزي القارئ يجب أن تعلم أن الحقد الإجتماعي يلعب دوراً كبيراً في تفاقم الظاهرة باختلاف أشكالها .. إذ إن المتسول يعتقد خطأ أنه يأخذ حقه من المواطنين الذين سلبوه حقه في العيش بحياة كريمة، ويلجأ للتسول لأنها أفضل السبل بدلاً من اللجوء إلى السرقة أو النصب…. وأن تجاوب الناس مع المتسولين بطريقة عفوية هو نتاج لثقافة مجتمع، وثقافة دينية، وخجل من رد السائل لكن لو تذكر الناس أن المتسول يسأل يومياً مئات الناس وربما الآلاف غيره، وأن تجاوبهم معه حرم المجتمع من طاقة منتجة .. لتراجعت ظاهرة التسول، ولعلاج هذه الظاهرة ترى أن العلاج يحتاج إلى تكاتف المجتمع بأكمله لمناهضة التسول وزيادة الوعي بين الأفراد في المجتمع عن كيفية التعامل مع هذه الفئة.
عزيزي القارئ إن التسول جريمة إجتماعية خطرة، تهدد أفراد أي مجتمع، وعلى الرغم من وجود انخفاض تدريجي في مؤشر ضبطيات التسول منذ سنوات، فإن التحدي القائم أمام الشرطة هو تعاطف كثير من فئات المجتمع واستجابتهم للمتسولين، ما يشجعهم على الإستمرار في حيلهم والإصرار على جريمتهم …. إن القانون يحظر على كل شخص تجاوز 18 عاماً ولو كان غير صحيح البنية أو غير قادر على العمل أن يتسول في الطريق العام، وكذلك يجرم كل من قام بعرض سلع تافهة وألعاب بهلوانية لا تصلح مورداً جدياً للعيش واصطناع الإصابة بجروح أو عاهات بقصد التأثير في الجمهور لاستدرار عطفه، فإن القانون يعاقب كل شخص صحيح البنية وجد متسولاً وللمحكمة حق إبعاد الأجنبي عن البلاد، على أن ينفذ الإبعاد بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها.