أم البلدان


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن مكة المكرمة هي أم البلدان، كما قال الله تعالى ” لتنذر أم القرى” فهو مركز العالم، ولما كانت الدعوة أيضا من الخليل إبراهيم عليه السلام ” اجعل هذا بلدا آمنا” فقد تضمنت أن يكون بلدا، وقد كان قفرا، ليس فيه شيء، فصار بلدا، ثم صار فيه أمن عظيم، فقال الله تعالى ” أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ” وقال تعالى ” ومن دخله كان آمنا” وقال تعالى ” الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” وقريش سكانه، وأقسم الله بأمانه، فقال تعالى ” وهذا البلد الأمين” وقد أخبر الله عز وجل خليله إبراهيم بمكان البيت ليبنيه” وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت” ومكان البيت أعظم من بينانه، مكان البيت تتعلق به الأحكام، حتى لو زال البنيان، فالحكم للمكان، يُطاف به، ويُستقبل في الصلوات المكان.

ويقول تعالي ” وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت” أى حددنا، أخبرنا، أعلمنا، مكان البيت، فبناه على التوحيد، فكان لهذا البيت شأن عظيم، فمحبته مزروعة في القلوب، والناس إليه تثوب، ويُستقبل في الصلاة، فيجب على كل من كان في المسجد الحرام أن يستقبل عين الكعبة، ومن كان في مكة، يستقبل المسجد الحرام، ومن كان في خارجها، يستقبل مكة في الصلاة لأن فيها الكعبة، ولا يوجد مكان في العالم، يجب على جميع المسلمين أن يأتوه في عمرهم مرة واحدة على الأقل إلا مكة، ولا يوجد بنيان في العالم، يجوز الطواف به عبادة لله، إلا الكعبة، ولا يوجد حجر في العالم، يجوز مسحه تعبدا، إلا الأسود واليماني، ولا يوجد ماء في العالم يشرب تعبدا، وتؤجر على شربه، غير زمزم، وقلنا بأن الحجر الأسود يمسح تعبدا لا تبركا.

لأن بعض الناس يظن أن مسحه، يُتبرك به، فيسمح عليه ويمسح على جسده، ويمسح عليه، ويمسح على ولده، وهذا من الجهل العظيم، وقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه “إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك” فالحجر الأسود من الجنة، ويمسح تعبدا لله، لحط الخطايا، لا تبركا به، فالبركة من الله، وتسأل من رب العالمين، وهذا البنيان العظيم، له أحكام، وبعد دائرة الكعبة، دائرة أخرى، وهي المسجد الذي أمر الله ببنائه، وقد قال الله تعالى ” إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا” ومعنى للذى ببكة لأنها تبك أعناق من يريد الشر بها، كما فعل الله بأبرهة، وكذلك سماه البيت العتيق لقدمه، ولأن الله أعتقه من الجبابرة، كم من بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى؟

أربعون سنة، كلاهما بناهما الخليل إبراهيم عليه السلام، وهذا المسجد حول الكعبة له أحكام عظيمة فهو تضاعف فيه الصلوات، كل صلاة مشروعة في المسجد تضاعف فيه أكثر من مائة ألف، لمن أخلص لله، فصلاة الفريضة، وتحية المسجد، ركعتا الطواف، صلاة الجنازة، صلاة العيدين، والكسوف، كل بلدن العالم السنة في صلاة العيد أن يخرجوا إلى صحراء قريبة من البلد، إلا مكة، قال الشافعي رحمه الله “يصلون في الحرم في المسجد الحرام، ولا يخرجون إلى صحراء قريبة من البلد” وإن الحرم الذي حرمه الله، فلا يجوز الصيد فيه، ولا تنفير الصيد، أو تخويف حمامة، لا يجوز قتل جرادة، لا يجوز لأن الجراد من الصيد، أو قلع شجر الحرم، لا يجوز، لقطة الحرم، لا تلتقط إلا لمعرف، ولا يجوز تملكها أبدا، وإذا ما وجد صاحبها فلبيت مال المسلمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.