أساس المواهب والقدرات


بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد صنف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الصحابة حسب تخصصاتهم ومواهبهم واتجاهاتهم وقدراتهم وكفاءاتهم وطاقاتهم في كل مجالات الحياة، وعلى هذا كان أساس المواهب والقدرات والطاقات، وهذا كله شاهد على عبقريته وحكمته صلى الله عليه وسلم في تقديم المواهب والكفاءات والطاقات كل في تخصصه، وفيه دعوة للأمة إلى أن تحذو حذوه صلى الله عليه وسلم في حسن التخطيط والتدبير وإتقان العمل واتخاذ أفضل الأسباب وتقديم الكفاءات مع الاعتماد على الله عز وجل مسبب الأسباب أولا وآخرا، ولم يقتصر اهتمام النبى صلى الله عليه وسلم بالحث على تعليم اللغة العربية فحسب، بل أمر بتعلم اللغات الأخرى وثبت أنه أمر زيد بن ثابت بتعلم اللغة السريانية ليتولى أعمال الترجمة والرد على الرسائل.

وروى أنه تعلم بأمر منه صلى الله عليه وسلم العبرية والفارسية والرومية وغيرها، فعنه رضي الله عنه قال “أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كلمات من كتاب يهود، قال إني والله ما آمن يهود على كتابى, قال فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له, فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم, وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم “رواه أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم، فأصبح الفتى زيد بن ثابت ترجمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبحت اللغة سلاحا له يدافع به عن الإسلام والمسلمين، وكما قيل “من تعلم لغة قوم أمن مكرهم” ولم تقتصر عنايته صلى الله عليه وسلم بتعليم هذه الفنون والعلوم للرجال فحسب, إنما اعتنى أيضا بتعليم النساء العلم والكتابة, فعن الشفاء بنت عبدالله قالت “دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة.

فقال لى ” ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ” رواه أبو داود، وجملة القول, فإن ما تقدم هو قليل من كثير ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم في شأن عنايته بالتنمية العلمية, تعلما وتعليما, أقوالا وأعمالا, مما يبرز اهتمامه الفائق بولاية العلم والتعليم، وإن الأمة بحاجة إلى المؤمن القوى في عقيدته القوى في عبادته القوى في تعلمه القوى في دعوته القوى في عمله القوى في صدعه بالحق القوى فى جميع مناحي الحياة فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز” رواه مسلم، وإن الاستثمار في العلم هو أفضل أنواع الاستثمار، وإن المعرفة هي السبيل الأكثر نجاحا.

لاكتساب منظور واسع للقضايا المختلفة من خلال إدراك خصائص الشئون المختلفة، ولذا فقد قدم الإسلام العلم على العمل ورفع شأن العلماء العاملين على العابدين بغير علم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ” رواه أبوداود، فالعلم هو الباب الأوسع للإيمان والخشية، فقال تعالى فى سورة فاطر ” إنما يخشى الله من عباده العلماء” والإسلام دين العلم وحث عليه ورفع من شأن أهله فقد حض على العلم والتعلم فأول ما نزل به الوحي على قلب النبى صلى الله عليه وسلم أقرأ، وهو مفتاح العلم فقال تعالى فى سورة العلق ” إقرأ باسم ربك الذى خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم ” وقد أقسم الله عز وجل بالقلم وهو أده نقل العلم.

فقال تعالى فى سورة القلم ” ن والقلم وما يسطرون ” ولذا جاء الإسلام يحض على التنمية العلمية فقال تعالى فى سورة المجادلة ” يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا فى المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من فى السموات ومن فى الأرض، حتى الحيتان فى الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر” رواه أبو داود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.