د. محمود محمد علي
في الرابع عشر من مارس من العام الجاري 2024 كان قد أصدر معالي الأستاذ الدكتور “أحمد المنشاوي”- رئيس جامعة أسيوط قراراً بتولي الدكتور أحمد عبد المولى نائب رئيس جامعة أسيوط لشئون التعليم والطلاب الإشراف على كلية الآداب بجامعة أسيوط لحين تعيين عميداً للكلية .
والحق يقال وأنا كشاهد إثبات أنه منذ مجيئ معالي الأستاذ الدكتور أحمد عبد المولي وهو لا يكل ولا يمل، في أن تستعيد كلية الآداب مكانتها التي كانت عليها ، بوصفها أول كلية تحصل على شهادة اعتماد من الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد التعليمي، كأول كلية للآداب في جمهورية مصر العربية، في عام 2014، ولتكون منطلقا للفكر والإبداع وتلبية لاحتياجات محافظة أسيوط ودفع عجلة التنمية والتقدم.
وبالفعل كان أول يوم تطأ قدما معالي النائب لكلية الآداب هو اجتماعه بأعضاء هيئة التدريس ؛ حيث أعلن أمامهم وأمامي أن لديه رؤية نحو تحديث وتطوير الكلية متمثلة في ترتيب الأولويات نحو تطوير الكلية لمواجهة مستجدات الواقع ، في ست أولويات على المدى القصير : أولها : سرعة الإنجاز لتوفير أماكن للسادة أعضاء هيئة التدريس؛ وخاصة الذين لا يوجد لديهم مكتب يجلسون عليه ، وثانيا : إصلاح البنية التحتية ، وبالذات الجسور والممرات التي تأكلت بشكل غير طبيعي بفعل عامل الزمن ولم تجد من يهتم بها العمداء السابقين ، وثالثا حل أزمة الوافدين والذين لم يُمنحوا درجاتهم في الماجستير والدكتوراه ، ورابعا : إصلاح المرافق والحمامات بالكلية ، حيث للأسف لا توجد حمامات بالكلية سوي حمام هزيل يشترك فيه الطلاب والسادة أعضاء هيئة التدريس، وخامسا : سرعة العمل على صرف كل الماليات والمكافئات للسادة أعضاء هيئة التدريس والموظفين المعطلة بدون أي سبب يذكر ، وسادسا : العمل على تزويد الكليات بالأدوات التكنولوجية اللازمة ؛ مثل الكمبيوتر وتصحيح أجهزة الامتحانات ، وتجهيزات أخرى للمعامل بالكلية، والدورات التدريبية والتقصي نحو الكشف عن المعايير الاكاديمية وتوصيف وتجديد برامج الدراسات العليا بنظام الساعات المعتمدة ، وتجديد المؤتمر السنوي للكلية ، بالإضافة إلى الاجتماعات المتكررة مع السادة العاملين بإدارة الكلية كل أسبوع وأمور أخرى قد لا تحصيها ذاكرتي حاليا.
وفي اليوم التالي وجدنا معالي النائب الأستاذ الدكتور أحمد عبد المولي يسعي جاهدا لتنفيذ هذه الأجندة في أقل عدد ممكن من الزمن ، وكأنه يذكرني بهمة الرئيس عبد الفتاح السيسي حين يٌقدم نحو عمل أي مشروع ليأتي في التالي ليقول لنا : هيا نبدأ.. هيا نبدأ.. هيا نبدأ.. !.
وهنا شاهدت معالي النائب وهو يتفقد الأماكن والطرق والمسالك والدروب بالكلية ، ليصدر قرارا بأن يكون مقر قاعة شئون الطلاب القديمة ومساحتها أكثر من 600 متر ومعها الغرف الأخرى، لتصبح هي الملاذ والمأوي، لتنفيذ حيثيات البند الأول للأولوية، وهي ضرورة معالجة مشكلة الأماكن للسادة أعضاء هيئة التدريس ، فهناك كما ذكرنا أعضاء هيئة تدريس بالكلية لا يوجد لهم مكاتب بأقسامهم.
والحق يقال لقد تمكن معالي النائب في يجهز تلك القاعة لتكون مكيفة بحيث تحوي أكثر من مئتي مكتب لأعضاء هيئة التدريس بموجبه يستطيعون أن يجدون مكانا ليجلسوا عليه ، بعد أن كان لا يوجد إلا مكتب أو ثلاث يتبادولون الجلوس عليه.
ونحو تنفيذ البند الثاني من الأوليات ، رأينا معالي النائب يتواصل مع الهيئة المسئولة بالجامعة نحو إصلاح البنية التحتية للكلية ، حيث كانت كلية الآداب تعاني من مشكلة البنية التحتية معاناة شديدة ، إذ إن أغلب القاعات ليست مجهزة تجهزا يتوائم مع الشرح والدرس ، فقد تمكن معالي النائب تجهيز أكثر من قاعة شاغرة ، بحيث تكون صالحة للتدريس لا سيما بعد أن كان الطلاب يشتكون من تهالك البنية التحتية للكلية، وغياب التكييف عن قاعات المحاضرات، مما أفقدهم التركيز في التحصيل العلمي.
مع تجهيزات أخرى لمعامل كانت تحتاج لترميمات وإصلاحات هيكلية خاصة بقسم الإعلام وعلم النفس والجغرافيا ، وكل ذلك لم يكن موجودا من ذي قبل ولكن معالي النائب تمكن من إيجادها في فترة وجيزة ، مع الوضع في الاعتبار نحو تجهيز معامل طلابية جديدة ، وغرف للسيمنارات وغرف لقاعات المناقشة بجانب قاعة الدكتور عزت عبد الله مستقبلا.
من جهة لأخرى تمكن معالي النائب من تبطين أرضيات مبني كلية الآداب بشكل مشرف حيث استطاع في قترة وجيزة أن يستعين بكل الأجهزة الإدارية بالجامعة نحو ضرورة العمل ليلا ونهاراً لتبطين أرضية مبني الكلية من الداخل ومساحته تتجاوز العشرين ألف متراً مربعاً ، فلقد تمكن أن وضع أرضية خراسانية مستعينا بالمهندسين المتخصصين في ذلك للإشراف على هذا مع استخدام أحدث أدوات الجيل الرابع في الرصيف، والحمد لله نجح معالي النائب في تحقيق هذا المطلب حيث كان يعتبره مطلبا ملحاً وضرورياً للكلية.
لم يكتف معالي النائب بذلك بل اتجه في اليوم التالي نحو الشروع في عمل تصليحات شاملة للحمامات بالكلية ، فكما قلت لا يوجد بالكلية سوي حمام واحد فقط ، وهو سيئ للغاية ، لقد تمكن معالي النائب أن يخصص أكثر ثلاث حمامات : الأول للطلبة ، والثاني للسادة أعضاء هيئة التدريس من الذكور ، والثالث : لأعضاء هيئة التدريس من الإناث ، وفي قترة وجيزة تم إنجاز ذلك على جناح السرعة.
كذلك يحسب لمعالي النائب أن لا يألوا جهدا في العمل بالكلية ، حيث يستيقظ مبكرا وفي الثامنة والنصف صباحا أجده في مكتبة بالكلية ،يطلع على البوسطة ، ثم يقوم ماسيا نحو العمل ومصطحباً معه الوكلاء الثلاثة للكلية ، نحو تنفيذ باقي الأولويات الست التي قررها منذ وطئت قدماه الكلية ، والآن أجده ينفذ كل ما قاله .
هذا بالإضافة أنه يحاول الآن أن يعمل الآن بقدر المستطاع إصلاح الهيكل الإداري بالكلية ، حيث كان هيكلا مترهلا ، ويفضله أعاد توازنه من خلال حركة تنقلات واسعة بين السادة الإداريين بحيث كلاً يكون حسب تخصصه ، مع توفر مكافئات مالية حسب ما يملي به القانون ، ولا أنسي أنه في ذات الأيام قام بصرف شهر كامل لكل السادة الموظفين بالكلية ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن أحمد عبد المولي مع حفظ الألقاب رجل إداري متمرس بأسمى معاني الكلمة.
علاوة علي أن معالي النائب يمثل بحق قمة في التواضع، فهو الإنسان بكل ما تحمله كلمة الإنسان من معاني ودلالات، فلقد وهب حياته كلها لجامعة أسيوط الزاهرة : تعليماً وبحثاً وإدارة لقطاع التعليم، كما ظل اهتماماته الرئيس اهتمام أستاذ جامعي، يسعي إلي أن يرتفع بعمله العلمي والإداري إلي أعلي مستوي ممكن، ومن هنا فإنه يمثل القدوة والريادة .
إن الحديث نحو إنجازات معالي النائب بكلية الآداب كثيرة وكثيرة، وقد لا تتسع له الصفحات ، بل ربما قد لا يحصيه أكثر من مقال ، ويكفي أنه قال لي : نفسي أوفر خطوط إنترنت ذات النطاق العريض بالكلية ، بحيث تكون قادرة على تحمل تكاليف الاتصال ذات النطاق العريض، مع تكافؤ الوصول إلى الأجهزة والبرامج المناسبة، والمهارات الرقمية لخلق قيمة إضافية للكلية.
وفي نهاية حديثي لا أملك إلا أن أقول تحية طيبة للأستاذ الدكتور أحمد عبد المولي الذي كان وما زال يمثل لنا نموذجاً فذاً لأستاذ الجامعة الإداري المحنك الذي يعرف كيف يتعامل مع العالم المحيط به ويسايره في تطوره، وهذا النموذج هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام التي يحاول الكثيرون فيها أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهية الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء.
وتحيةً أخري مني لهذ الرجلٍ العظيم الذي لم تغيره السلطة، ولم يجذبه النفوذ ولكنه آثر أن يكون صدى أميناً لضمير وطني يقظ وشعور إنساني رفيع وسوف يبقى أنموذجاً لمن يريد أن يدخل التاريخ من بوابة واسعة متفرداً.