بقلم / محمـــد الدكـــروري
لكل فرد في المجتمع شخصية مميزة عن الآخرين، تختلف في الآراء، والأفكار والعادات والمواهب، والأهداف، وهذه الاختلافات بين الأفراد تؤدي في النهاية إلى التكامل إن نجحنا في نبذ العنف والحسد والكراهية، ولكن الصفات السيئة هي التي قد تؤدي إلى نشر الشرور بين الناس، وإن السعادة الظاهرية ليست بالضرورة مؤشرا على الحالة العامة للإنسان إذ نحن نركز فقط على جوانب معينة من الشخص الذي نقارن أنفسنا به، وبسبب النظر فقط لهذه الجوانب الرائعة من حياتهم، يصبح الشخص بمثابة الفكرة الخيالية المتكلفة والوهم الذي نصنعه بداخل عقولنا، ونحن من اختار النظر فقط إلى السمات التي تثير إعجابنا، بينما نغض الطرف عن الصفات الأخرى السيئة وجوانب الحياة البائسة والتعيسة.
التي قد يعيشها هذا الفرد بشكل أو آخر، وتنبع محاولة إرضاء الناس بالرغبة في جعل الجميع يحبوننا، ما يؤدي إلى وضع رأي ومشاعر الآخرين فوق مشاعرنا، ومحاولة إرضائهم مهما كان الثمن والمحاولة لإرضاء الآخرين دائما هي احدى نتائج التعاطف المبالغ، فلمجرد العلم بأن أحدا سيشعر بالسوء لا يعني أنه من الواجب إرضاؤه، وإن الجليس الصالح كما هو في في الحديث الشريف هو مستفيد على كل حال، إما أن يعطيك، وإما أن يبيع لك، وإما أن يعلق فيك رائحة طيبة، كذلك الجليس الصالح إما أن يأمرك بالخير، وإما أن ينهاك عن الشر، وإما أن يدعوك إلى الخير ويحضك عليه، فأنت مستفيد، كذلك جليس السوء إما أن يزهدك من الخير أو يرغبك في الشر، فأنت متضرر على كل حال.
حتى أن أثر الصحبة صالحة أو طالحة تعدى من عالم الإنسان إلى عالم الكلاب، فإن كلب أصحاب الكهف قد استفاد من صحبة الأخيار، وهو الآن معروف أنه من أخس الحيوانات، ومع ذلك لما صاحب الأخيار صار له شأن وذكر معهم في القرآن وأصابه ما أصابهم،كما أن الكلب المعلم لما تعلم صار له ميزة وارتفع شأنه بالعلم، وصار يصيد بالتعليم، وله حكم يختلف عن بقية الكلاب، حتى الكلاب إذا تعلمت صار لها شرف ومزية على غيرها، وعن مالك بن مغول قالن قال عيسى ابن مريم عليه السلام ” تحببوا إلى الله عز وجل ببغض أهل المعاصي وتقربوا إليه بالتباعد منهم والتمسوا مرضاته بسخطهم قالوا يا روح الله من نجالس ؟ قال جالسوا من يذكركم الله رؤيته ومن يزد في عملكم منطقه ومن يرغبكم في الآخرة عمله”
ويقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” ما أعطي العبد بعد الإسلام نعمة خيراً من أخ صالح، فإذا وجد أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به” وقال عمر أيضا رضي الله عنه ” لولا ثلاث لأحببت أن أكون قد مت، لولا أن أضع جبيني لله ساجدا، أو أجالس أقواما يلتقطون طيب الكلام كما يلتقط طيب التمر والبسر، أو أكون في سبيل الله لأحببت أن أكون قد مت” وقال الإمام الشافعي رحمه الله ” إذا كان لك صديق يعينك على الطاعة فشد يديك به فإن اتخاذ الصديق صعب ومفارقته سهلة ” وقال لقمان الحكيم لابنه وهو يعظه ” يا بني ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله أخا صادقا فإنما مثله كمثل شجرة، إن جلست في ظلها أظلتك وإن أخذت منها أطعمتك وإن لم تنفعك لم تضرك “