بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن عذاب القبر ونعيمه أمور غيبية لا تقاس بالعقل والإيمان بالغيب من أهم صفات
المؤمنين كما قال تعالى في كتابه العزيز “الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب” وقال ابن القيم رحمه الله ومما ينبغي أن يعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه سواء تم دفنه أو لم يدفن فلو أكلته السباع أو أحرق حتى صار رمادا أونسف في الهواء أو تم صلبه فأكلته الطيور الجارحة أو غرق في البحر، فقد وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور، وأما عن أبو طاهر سارق الحجر فهذا الرجل الخبيث، وصاحب الجريمة العظمى في تاريخ الإسلام وهى اقتحام الحرم وقتل أهله ونزع الحجر الأسود، وقد نشط وبرز أمره صغيرا ومات صغيرا كذلك، فقد هلك أبوه أبو سعيد الجنابى وهو مؤسس جناح القرامطة في الأحساء، فجأة فانتزع أبو طاهر هذا زعامة القرامطة من أخيه الأكبر.
ثم لم يلبث إلا قليلا في ترتيب أمر أتباعه حتى بدأ الإفساد في الأرض فهاجم البصرة وأقام فيها مذبحة كبرى لسبعة عشر يوما في شهر ربيع الآخر عام ثلاثمائة وإحدى عشر من الهجرة، وهاجم قافلة الحجاج العائدة من مكة فى شهر المحرم فى سنة ثلاثمائة وإثنى عشر من الهجرة فقتل ما شاء وأسر ألفين وترك الباقى في الصحراء حتى ماتوا جوعا وعطشا، ثم هاجم الكوفة، ثم هاجم الأنبار واستولى عليها، وصار يعترض طريق الحجاج حتى امتنع الحج من جهة العراق، ثم هاجم مكة نفسها فامتنع الحج جملة وذعر أهلها وفرّ بعضهم إلى الطائف، واستطاع في كل مرة هزيمة جيوش الخلافة العباسية التي كانت حينئذ تعانى فوضى ونزاعا بين أجنحتها، وكانت هزائم قبيحة رغم تفوقهم في العدد والعدة، حتى إن جيشها الرئيسى اعتصم خلف نهر فقطع الجسور ولم يجسر على مواجهته، إنه أبو طاهر القرمطى وهو أبو طاهر الجنابى ملك البحرين.
وزعيم القرامطة، وهو سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابى الهجرى، ولقب بأبو طاهر القرمطي، وكانت نسبته إلى جنابة وهو من بلاد فارس، وقد اشتهر بغارة شنها على مكة يوم التروية سنة ثلاثمائة وسبعة عشر من الهجرة والناس محرمون، ونهب أموال الحجاج وقتل منهم الكثير، وقيل بلغ قتلاه في مكة نحو ثلاثين ألفا، وكان يصيح على عتبة الكعبة ويقول أنا بالله، وبالله أنا يخلق الخلق، وأفنيهم أنا، واقتلع الحجر الأسود وأرسله إلى هجر حيث مكث فيها عشرون سنة حتى أعاده أبو محمد شنبر بن الحسن إلى موضعه، بعدما بعث إليه أمير الدولة الفاطمية يأمره بإعادة الحجر الأسود إلى مكانه، وقد عرّى البيت الحرام وأخذ بابه وردم زمزم بالقتلى، وعاد إلى هجر ومات فيها كهلا بالجدرى، وأما عن الأسود العنسى فكان رجل من أهل اليمن، من مذحج وقد أسلم كما أسلمت اليمن، وارتد في آخر حياة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وادعى النبوة.
وقال ابن الجوزى فى المنتظم أما الأسود فاسمه عبهلة بن كعب، ويقال له ذو الخمار وكان كاهنا، مشعبذا ويريهم الأعاجيب، ويسبي بمنطقه قلب من يسمعه، وكان أول خروجه بعد حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وكان من أول خروج الأسود إلى أن قتل أربعة أشهر، وقد روى الطبري في قصة الاسود العنسى عدة روايات عن سيف تتلخص في أن الاسود لما ادعى النبوة وتغلب على اليمن وقتل ملكها شهر ابن باذان و تزوج امرأته وأسند أمر الجيش إلى قيس بن عبد يغوث وأسند أمر الابناء وهم أبناء الفرس باليمن، إلى فيروز وداذويه ، كتب النبي صلى الله عليه وسلم، إلى هؤلاء بقتال الاسود، أما مصادمة أو غيلة، فاتفقوا على اغتياله فأخبره شيطانه فأرسل إلى قيس وقال يا قيس ما يقول الملك، قال قيس وما يقول؟ قال يقول عمدت إلى قيس فأكرمته حتى إذا دخل منك كل مدخل، وصار في العز مثلك، مال ميل عدوك، وحاول ملكك.
وأضمر على الغدر، انه يقول يا أسود، يا أسود يا سوءة، يا سوءة اقطف قنته، وخذ من قيس أعلاه والا سلبك أو أخذ قنتك، فقال قيس وحلف به و كذب، وذي الخمار لانت أعظم في نفسي وأجل عندى من أن أحدث بك نفسى، فقال الاسود ما أجفاك، أتكذب الملك؟ وعرفت الآن انك تائب مما اطلع عليه منك، ويعني ما اطلع عليه شيطانه الذي يسميه الملك، وقال سيف ثم خرج قيس وأخبر جماعته بما جرى له مع الاسود وتواطؤوا على إنفاذ ما اتفقوا عليه من قتله.