بقلم / محمـــد الدكـــروري
اتقوا الله عز وجل وتوبوا إلي الله تعالي وأعدوا لساعة الاحتضار عدتها واعملوا أن من الأسباب التي تعين على حسن الخاتمة هو أن يلزم الإنسان طاعة الله وتقواه ورأس ذلك وأساسه هو تحقيق التوحيد والحذر من ارتكاب المحرمات والمبادرة إلى التوبة مما تلطخ به المرء منها كبيرها وصغيرها، ومنها أن يلح المرء على ربه بطلب حسن الخاتمة وقد ذكر عن رجل من السلف انه كان يكثر في سجوده من سؤال الله الميتتة الحسنة فتوفاه الله وهو ساجد بين يديه، ومنها أن يعمل الإنسان جهده وطاقته في إصلاح ظاهره وباطنه وليولي إصلاح الباطن الجانب الأكبر فإن عليه المدار ومتى ما علم الله منه الصلاح والإخلاص.
والإقبال عليه فحاشاه سبحانه أن يخذله في آخر لحظات عمره، ومنها تغليب حسن الظن بالله في ساعة السكرة، وقد أمرنا الله عز وجل بالسعي لطلب الرزق ولكن مع مراعاة الرزق الحلال والإبتعاد عن كل شيء يغضب الله عز وجل ولنعلم جميعا أن دخول السوق لحاجة من شراء أو بيع أو تجارة فهذا أمر لا كراهة فيه، وأما لغير حاجة فيكره لأن الداخل إليها لا يسلم من رؤية منكر أو سماعه، واعلموا أن أحب البلاد إلى رب العباد المساجد حيث الراكع والساجد وأبغض البلاد الأسواق لما فيها من سخط ولغط فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها”
وذلك لأنها محل الغش، والخداع، والربا، والأيمان الكاذبة، وإخلاف الوعد، والإعراض عن ذكر الله، وغير ذلك مما في معناه، والمساجد محل نزول الرحمة، والأسواق ضدها، ولأن المساجد يذكر فيه اسم الله تعالى، والأسواق قد غلب عليها اللغط واللهو والاشتغال بجمع المال، والتكالب على الدنيا من الوجه المباح وغيره، وأما إذا ذكر الله في السوق فهو من أفضل الأعمال، وهذا ما يدل على كراهة دخول الأسواق، لا سيما في هذه الأزمان التي يخالط فيها الرجال النساء، وهكذا قال علماؤنا، لما كثر الباطل في الأسواق وظهرت فيها المنكرات، كره دخولها لأرباب الفضل والمقتدى بهم في الدين، تنزيها لهم عن البقاع التي يعصى الله فيها.
فحق على من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل محل الشيطان ومحل جنوده، وأنه إن أقام هناك هلك، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر ضرورته، وتحرز من سوء عاقبته وبليته، وإن أسواق الأخرة تلك هي البحار الزاخرة بالأرباح وبالنجاح وبالفلاح الربح فيها مضمون والتجارة فيها لن تبور الداخل إليها كسبان والمتجول فالتجارة فيها مع الغني الحميد مع الرزاق المجيد، فإنه تاجر مع الله فإنه وحده الذي يشتريك بأغلى الأثمان، فقال تعالى “إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة” فانه تعالى يعطيك الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، فقال الله تعالى “من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون”
فإن الله عز وجل اشترى شربة ماء لكلب بالجنة، وإنه سبحانه يحب كلمات لسانك ودمعة عينك وقطرة دمك وأثر رجلك على الأرض، وانه يناديك في الثلث الأخير من كل ليلة لتتاجر معه، وإن في تلك الأسواق جنة عالية قطوفها دانية، وقد قال محمد بن على بن أبى طالب رضى الله عنهما إن الله عز وجل قد جعل لأنفسكم ثمنا وهو الجنة فلا ترتضوا لأنفسكم ثمنا غيرها، وكما أن لأسواق الدنيا أزمنة وأمكنة فكذلك لأسواق الأخرة أزمنة وأمكنة فيها توجد البضائع وفيها يربح المؤمنون الأرباح الكبيرة الوفيرة.