آثار الزهد في صحبة الصالحين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وسيدنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد إن من أسباب إنحراف الشباب هو الفساد المكاني، حيث يخرج الشباب إلى الشواطئ، وبعضهم إلى أماكن الرقص، والبعض الآخر إلى المقاهي أو الملاعب، فيختلط الحابل بالنابل، فيحدث ما يحدث، فتنتج الويلات، وكما أن من أسباب إنحراف الشباب هو فساد المرئيات وهو ما يعرض على الشاشات، حيث كثرت المرئيات ما بين التلفاز والإنترنت، وكادوا لا يفرّقون بين الحلال والحرام، حتى انغمسوا فيه.

ولا يدرون أن العين مفتاح المحرمات لذا أمرنا ربنا أن نغض أبصارنا، وكما أن من أسباب إنحراف الشباب هو فساد السمعيات، ولو إستمعت إلى جوال الشباب وأجهزتهم لا تكاد تصدق أنهم مسلمون، أو يعيشون في مجتمع إسلامي، من كثرة الأغاني المحرمة، فانظروا إلي هؤلاء الشباب فهذا شاب يجمع المصحف الكريم وهو زيد بن ثابت رضي الله عنه فكان يقوم بجمع القرآن بأمر خليفة المسلمين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبإذنه، مع أن زيدا في ريعان شبابه، ويقول له الخليفة قوله المشهور “إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه” وهذا الكلام هو الذي أخرجه الإمام البخاري في الصحيح.

ونفهم من قول الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن لهذا الشاب دورا كبيرا في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد جمع بين القوة والذكاء، والتقوى والعدالة، فلذلك اختاره خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع للإسلام والأمة الإسلامية ولنفسه بصمة لا تمحى، وهذا شاب يقود جيشا وهو أسامة بن زيد يقود جيشا لغزو الروم، وهو في ريعان شبابه أمام كبار الصحابة، وهذا هو أول سفير في المدينة، وهو الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه، الفاتح، السفير الأول في الإسلام، والمعلم في المدينة المنورة، مع كونه شابا، فعلى كل إنسان أن يحقق الهدف من وجوده وهو ” اعبدوا ربكم ” فلا بد من أن تقدم شيئا، أن تقدم من مالك، من وقتك، من علمك، من راحتك، من مكانتك.

من جاهك، بقدر ما تقدم تسعد بالصلاة ” وافعلوا الخير لعلكم تفلحون” فما هو الفلاح؟ وهو أن تحقق الهدف من وجودك، وهو إيمانك بالله وشكره، وإن حجم الإنسان عند الله تعالي بحجم عمله الصالح، بزواجك الشرعي، بالمهر، بحجاب زوجتك، بتربية بناتك، بكسب مالك، بإنفاق مالك، بأفراحك، بأتراحك، بسفرك، بإقامتك، بمعاملة والدتك، بحفظك للحق ودفاعك عنه، فإذا كانت المعركة بين الحق والباطل معركة أزلية لا تنتهي، وإذا كان الصراع قائما لا يتوقف فلا بد من جهاد دائم، جهاد كذلك لا يتوقف، والشرف الذي نالته الأمة العربية حينما إختارها الله لتكون وسيطا بين الله وبين عباده، فالركوع والسجود والعبادة الحقة لله، وفعل الخير، ثم الجهاد الحق وهما سلالم المجد لأي أمة، وآيات الرفعة لأي شعب يأخذ بها ويؤمن بها ويسير عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.