بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، إن لذة الطاعة لا تعادلها لذة وحلاوة الإيمان لا تعادلها حلاوة وعز الطاعة لا يعادله عز، كما أن مرارة المعصية لا تعادلها مرارة وشؤم الذنب لا يعادله شؤم، وذل المعصية لا يعادله ذل، وقال ثابت البناني كابدت الصلاة عشرين سنة وتنعمت بها عشرين سنة، وقال بعضهم سقت نفسي إلى الله وهي تبكي، فمازلت أسوقها حتى انساقت إليه وهي تضحك، وجاء في الإسرائيليات أن رجلا تزوج امرأة من بلدة وكان بينهما مسيرة شهر.
فأرسل إلى غلام له من تلك البلدة ليحملها إليه فسار بها يوما، فلما جنّه الليل أتاه الشيطان فقال له إن بينك وبين زوجها مسيرة شهر فلو تمتعت بها ليالي هذا الشهر إلى أن تصل إلى زوجها فإنها لا تكره ذلك وتثني عليك عند سيدك فتكون أحظى لك عنده، فقام الغلام يصلي فقال يا رب، إن عدوك هذا جاءني فسوّل لي معصيتك وإنه لا طاقة لي به في مدة شهر وأنا أستعيذك عليه يا رب فأعذني عليه واكفني مؤونته، فلم تزل نفسه تراوده ليلته أجمع وهو يجاهدها حتى أسحر فشّد على دابة المرأة وحملها وسار بها، قال فرحمه اللّه تعالى فطوى له مسيرة شهر فما برق الفجر حتى أشرف على مدينة مولاه، قال وشكر اللّه تعالى له هربه إليه من معصيته فنبأه.
فكان نبيّا من أنبياء بني إسرائيل، فإذا أردت تحصيل حلاوة الإيمان فعليك بمجاهدة نفسك ضد وساوسها ووساوس الشيطان، ويذكر أن زوجا قال لزوجته بغضب لأشقينّك، فقالت الزوجة في هدوء وإيمان وعزة لا تستطيع أن تشقيني كما لا تستطيع أن تسعدني، فقال الزوج في حنق وكيف لا أستطيع ؟ فقالت الزوجة في ثقة لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني أو زينة من الحلي لحرمتني منها ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون فقال الزوج في دهشة وما هو ؟ فقالت الزوجة في يقين إني أجد سعادتي في إيماني وإيماني في قلبي وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي، فحلاوة الإيمان تمنحك القوة والعزة وتيسر عليك كل يسير وتهون عليك كل صعب.
وتجمل حياتك بالرضا الكامل عن الله تعالي، وقيل أنه كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول “ما أصبت بمصيبة إلا كان لله علي فيها أربع نعم، أنها لم تكن في ديني، وأنها لم تكن أكبر منها، وأنني لم أحرم الرضا عند نزولها، وأنني أرجو ثواب الله عليها” وقال حاتم بن الأصم بنيت توكلي على أربعة أمور، علمت أن الله ناظر إلي فأنا أراقبه، وعلمت أن رزقي لا يأخذه أحد غيري فأنا مطمئن به، وعلمت أن عملي لن يعمله أحد غيري فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يطلبني فأنا مستعد له” وهذه اللذة وتلك الحلاوة تتفاوت من شخص إلى شخص حسب قوة الإيمان وضعفه، وتحصل هذه اللذة بحصول أسبابها، وتزول بزوال أسبابها، ويجدر بالمسلم أن يسعى جاهدا إلى تحصيلها لينعم بالحياة السعيدة.