عندما تقطع آلة السرقة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

روي عن وهب بن منبه أنه قال مكتوب في حكمة آل داود حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويحمد، فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات، وإجماما للقلوب، وحق على العاقل أن لا يرى ظاعنا إلا في ثلاث، زاد لميعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وحق على العاقل أن يكون عارفا بزمانه حافظا للسانه مقبلا على شأنه، وعن مالك بن دينار أنه قال سمعت الحجاج بن يوسف يخطب ويقول امرأ وزن نفسه، امرأ اتخذ نفسه عدوا، امرأ حاسب نفسه قبل أن يصير الحساب إلى غيرة.

امرأ أخذ بعنان عمله فنظر أين يريد ؟ امرأ نظر في مكياله، امرأ نظر في ميزانه، فما زال يقول امرأ حتى أبكاني، وإنه عندما تحدث جريمة السرقة فإذا تكاملت الشروط قطعت اليد اليمنى من مفصل الكف، ومفصل الكف هنا الكوع، هذا الكوع مفصل الكف، تقطع اليد منه لأنها آلة السرقة، فعوقبت اليد بإعدامها لأنها آلة السرقة، ويعمل ما يحسم الدم، ويندمل به الجرح، وأما إذا جاء أحد يطالب باليد ويقول هاتوها بعد القطع نضعها في الثلج ونعيدها بالخياطة، فنقول إن الشريعة قد قصدت قطعها وإزالتها، وليس أن تقطع ثم تعاد، ثم تقطع، ثم إذا سرق المرة الثانية تقطع الرجل اليسرى، واليد اليمنى، والرجل اليمنى إذا توالت السرقات في كل مرة، تقطع، ويقطع طرف من الأطراف.

ولو أن شخص تحصل على مال من جهة عامة حيث استلم مواد ثم باعها وكون رأس مال ثم بنى بيتا واشترى سيارة منه والباقي صرفه على عائلته، علما بأن المواد أخذت بإذن المسؤول عنها ولديه علم بأنه سيتم بيعها وأخذ ثمنها للاستفادة منه، وأغلب العاملين كان ينهب هذه المواد ويبيعها، والآن الشخص تاب إلى الله ويريد حكم الشرع في هذا الموضوع علما بأن المال تصرف فيه والباقي قليل جدا ولا يمكنه رده ولا يوجد له دخل يمكنه من رد هذه المبالغ، فما هو رأي الشرع في ذلك ورأي العلماء؟ وهنا قد اشتمل السؤال على عدة أمور، فالأمر الأول وهو الأخذ من المال العام بغير حق، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ المال العام بغير حق، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “وإن هذا المال حلوة، من أخذه بحقه فنعم المعونة، ومن أخذ بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع” وفي رواية لهما “ويكون عليه شهيدا يوم القيامة” وفيهما عن أبي حميد مرفوعا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة يحمله” وفي البخاري عن خولة الأنصارية مرفوعا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة” وإذن المسؤول لا يسوغ ذلك ما لم يكن مخولا بذلك من الجهات المختصة، وكان إذنه وفقا للوائح، وكذا سرقة الآخرين للمال العام ونهبهم له كل ذلك لا يسوغ ما ذكر في السؤال، بل الواجب هو نهيهم ونصحهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.