خطبة في أول رجب الأغر

بقلم الشيخ/ عماد البية


الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك سبحانه سبحانه لا تدركه الأبصار ولا تحويه الأقطار ولا يغيره الليل ولا النهار وهو الواحد القهار وأشهد أن لا إله إلا الله لما تجلى بأنواره على حبيبه ومصطفاه محمد ليلة الإسراء والمعراج قال الحبيب محمد لربه التحيات لله والصلوات والطيبات وقال له رب العزة سبحانه وتعالى السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فقال الحبيب محمد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا أله ألا الله فقال له مولانا سبحانه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فقالت الملائكة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. فعندما أراد الحبيب المصطفى أن يرد السلام على السلام لم يقل السلام علي ولكن قال السلام علينا فقد جمع نفسه صلوات الله وسلامه عليه مع عباد الله الصالحين فالنون هنا ليست للتعظيم ولكنها للجمع وأشهد أن سيدنا ونبينا وعظيمنا وحبيبنا محمد رسول الله لما عرج به إلى السماء إلى السماء السابعة وجد الخليل إبراهيم عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور والبيت المعمور في السماء كالبيت الحرام في الأرض البشر يطوفون بالبيت الحرام في الأرض والملائكة تطوف بالبيت المعمور في السماء فلما ألتقى الخليل بالحبيب قال الخليل للحبيب محمد يا محمد أقرإ أمتك مني السلام ولذلك فنحن في التحيات نقولوا كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم أتدرون لماذا إبراهيم بالذات لأننا نرد التحية التي أهدانا إياها على لسان حبيبنا محمد فقال له أقرإ أمتك مني السلام ونحن في صلواتنا نرد التحية على خليل الرحمن وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وإنها قيعان أي أرضها مستوية وإن غراسها أي أشجارها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فقال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة فمن قال هذه الكلمات كان له بكل مرة قالها نخلة تغرس له في الجنة فصلاة وسلاما عليك سيدي يا رسول الله يا صاحب الذكرى العطرة فلقد أسريت إلى المهيمن ليلة والله ما أحد سرى مسراك يا سيد الرسل الكرام ومن به قد قام للدين الحنيف بناءه إن كان آدم للخلائق أولا ها أنت يا مختار أول خلقنا وإن كان نوحا قد قاد سفينة ها أنت يا مختار قدت سفينة علمنا وإن كان إبراهيم قد أعطي خله فأنت يا مختار صرت حبيبنا وإن كان موسى كلمة ربه فها أنت يا مختار دست بساطنا وإن كان عيسى نفخة من روحه ها أنت يا مختار أول خلقه اللهم صل عليه وعلى أصحابه وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد في يا إخوة الإيمان والإسلام إن لكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها فلقد هل علينا هلال شهر رجب فاللهم اجعله خلال يومنا وبركة على الأمة الإسلامية اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان يا رب العالمين ولذلك قال رب العزة جل في علاه في سورة الإسراء سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ففي هذا العام الذي حدثت فيه هذه الحادثة توفيت السيدة خديجة بنت خويلد زوج الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ورضوان الله عليها ذلك الزوجة الصالحة التي كانت تشاركه في مشاكل الدعوة الإسلامية والتي صدقته حين كذبه الناس وأعطته حين منعه الناس وبعدها توفي عمه أبو طالب الذي كان يمثل ركنا شديداً وعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم وكان له بمثابة الأب الحنون فحزن الحبيب محمد لموتهما وفراقهما حتى سمي هذا العام بعام الحزن وبعدها أشتد إضطهاد المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد أن يخرج بدعوته من مكه إلى الطائف ليدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار ولكن وجدهم قوم قسات القلوب حيث سلطوا عليه عبيدهم وصبيانهم فقذفوه بالحجارة حتى دمت قدماه وشجت جبهته صلوات الله وسلامه عليه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف يستظل تحت شجرة لعدوين له ما عتبة وشيبة بن ربيعة على بعد ثلاث أميال من الطائف فجلس في ظل شجرة يستريح من التعب وعاده السفهاء يتضحكون ويعبثون برسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كان بإمكانهم أن يرفضوا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم دون أن يسيئوا إليه وهو الذي جاء إليهم مستجيرا وداعيا فانطلق رسول الله صلى الله عليه وهو مهموم فيقول رفعت رأسي وإذا أنا بسحابه قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا به عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وأنا ملك الجبال وقد بعثني إليك ربي لتامرني بأمرك إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين وهم جبلين في مكة لفعلت فماذا قال له الرحمة المهداة ماذا قال له السراج المنير قال له لا تفعل بل أرجو أن يخرج من أصلابهم أو من ظهورهم من يعبد الله وحده لا شريك له أو من يقول لا إله إلا الله ما أرحمك يا سيدي يا رسول الله وما أحلمك لقد كان بوسعه صلوات الله وسلامه عليه بعد هذه المقابلة السيئة أن يدعو عليهم فيأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ولكن كان رحمة مهداة ولذلك قال له الملك صدق من سماك الرؤوف الرحيل لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رفع يداه إلى الله في ذراعه واسترحام وناجى ربه قائلا اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقله حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع علي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من إن تنزل لي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبة حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله ولقد فجرت هذه المناجاة الصادقة الرحمة من الصخور الصماء فآلانت قلبي صاحبي البستان وجعلتهما يستدعيان غلامهم النصراني عداسا ويأمره أن يحمل قطفا من العنب في طبق إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالرغم أنهما كافران لقد كان هذان الرجلان بالأمس عدوان لرسول الله ولكنه صدق الحق حينما قال قلوب عبادي بين أصبعين من أصابع الرحمن فعندما أراد الرسول أن يأخذ القطف ليأكل العنب قال بسم الله ثم أكل فتعجب الغلام النصراني وقال إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الغلام وساله من أي البلاد أنت قال من بنينوى قال له الحبيب محمد بلد الرجل الصالح يونس بن متي فقال عباس ومن أدراك بيونس بن متى فقال له الحبيب محمد إنه أخي هو نبي وأنا نبي فانكب عداس على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويديه يقبلهما فلم تكن الرحلة إلى الطائف بدون فائدة ولكن كسب رسول الله صلى الله عليه وسلم هداية رجل وهداية رجل تعدل الدنيا وما فيها وهي خير من حمر النعم كما قال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه أو كما قال التائب من الذنب حبيب الرحمن ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة….
الخطبة الثانية الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذو الطول لا إله إلا هو وإليه المصير وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل عليه وعلى أصحابه صلاة دائمة ما دامت السموات والأرض ثم أما بعد مازلنا نتحدث مع حضاراتكم حول الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه وعودته من الطائف إلى مكة مرة أخرى وبدأ النبي عودته إلى مكة ومعه زيد بن حارثة وهم الآن في طريقهما إلى مكة وهناك في وادي نخلة أقام النبي صلى الله عليه وسلم ليستريح وقام ليلة متهجدا يعبد الله ويقرأ القرآن واذا بنفر من الجن يستمعون إلى ما يتلو من القرآن فيسلموا في هذه الليلة على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا كان من باب التسرية عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فيقول الحق.. وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين… وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة وبعث إلى الأخنس بن شريك ليجيره وكان يكنى بابا ثعلبة وهو الذي أنزل الله سبحانه وتعالى فيه قرآنا ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام .. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سهيل بن عمرو فلم يجره فأرسل الحبيب محمد إلى المطعم بن عدي ليجيره فأقبل ومعه بنوه وقد تسلحوا وخرجوا حتى أتوا المسجد ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وطاف بالبيت فكان لابد بعد هذه الأحداث من رحله لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن تنكر له أهل الأرض فإن الله يدعوك لتكون في رحابه فإن كان سيدنا موسى طلب الرؤية من ربه فلم يعطيها له.. ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمة ربه قال ربي أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر الى الجبل فلإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صاعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين فموسى عليه السلام طالب وأنت مطلوب وشتان ما بين الطالب والمطلوب قال الإمام الشافعي عليه رحمة الله إن الله أعطى عيسى إحياء الموتى فقال إن الله أعطى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حنين الجزع وإن كان أعطى موسى العصا فضرب بها البحر فانفلق فإن القمر قد إنفلق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج الماء من بين أصابعه وإن كان أعطى لسليمان الريح فقد أعطى للحبيب محمد رحلتي الإسراء والمعراج ندعو الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا في رجب وشعبان وأن يبلغنا رمضان وأن يرحمنا ويغفر لنا ذنوبنا اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا إجتنابه اللهم اهدنا واهدي بنا واجعلنا سبيلا لمن أهتدى اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وشفاء همنا وغمنا اللهم اجعله أنيسا لنا في قبورنا واجعله لنا نورا على الصراط يوم القيامة يوم تقول لجهنم هل أمتلأت وتقول هل من مزيد اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله محمد رسول الله وأقم الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.