المؤمن إيمانا حقيقيا


بقلم / محمـــد الدكـــروري

اعلم أيها الإنسان أن دنياك ظل زائل، وعرض حائل، إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا، وإن أحسنت يوما أساءت دهرا، وما منحت سرورا إلا خبأت شرورا، ولو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء، فلا تتعلق بها حتى يعظم في قلبك أمرها، وتذكر عن نبي الله عيسى عليه السلام ما كان يقول ” الحق أقول لكم إن أشدكم حبّا للدنيا أشدكم جزعا على المصيبة، فاسعوا فيها، ولا تغتروا بها، وجدّوا فيها، فاحذروا منها فإنها أسحر من هاروت وماروت فهذان كانا يفرقان بين المرء وزوجه، وهذه تفرق بين العبد وربه ” وأقلل الشكوى إلى المخلوقين فإنما كل بنفسه مشغول، وارضي فإن من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، وإن المؤمن إيمانا حقيقيا صادق في دعوته إلى الله، يحب الخير لأمتة ويسعي في سبيل هدايتها وإرشادها.

وإخراجها مِن ظلمات الجهل إلى نور العلم، والمؤمن إيمانا حقيقيا واضح في منهجه، ظاهره وباطنه سواء ليس هدفه إبراز شخصه ولا أن يتحدث عنه، شعاره، كما قال الله تعالى ” قل إن صلاتى ونسكى ومحيايا ومماتى لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ” والمؤمن إيمانا حقيقيا صادق في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فتجده يأمر بالمعروف بصدق، وينهى عن المنكر بصدق، حريص على إنقاذ العباد من المخالفات الشرعية، والمؤمن إيمانا حقيقيا صادق في أداء الصلاة وإيتاء الزكاة وصومِ رمضان وحج بيت الله الحرام، وفق ما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا فإن الصدق هو سبب النجاة فى الدنيا والاخرة، فقيل أن هاربا لجأ إلى أحد الصالحين، وقال له أَخفني عن طالبي، فقال له نم هنا، وألقى عليه حزمة من خوص.

فلما جاء طالبوه وسألوا عنه، قال لهم ها هو ذا تحت الخوص، فظنوا أنه يسخر منهم فتركوه، ونجا ببركة صدق الرجل الصالح، ويروى أن الحجاج بن يوسف خطب يوما فأطال الخطبة، فقال أحد الحاضرين، الصلاة، فإن الوقت لا ينتظرك، والرب لا يعذرك، فأمر بحبسه، فأتاه قومه وزعموا أن الرجل مجنون، فقال الحجاج إن أقرّ بالجنون خلصته من سجنه، فقال الرجل لا يسوغ لي أن أجحد نعمة الله تعالى التي أنعم بها عليّ، وأثبت لنفسي صفة الجنون التي نزهني الله تعالى عنها، فلما رأى الحجاج بن يوسف صدقه، خلى سبيله، ونرى في سيرة السلف الصالح حرصهم الشديد على الصدق، فهذا الشيخ عبدالقادر الجيلاني يقول عقدت أمري منذ طفولتي على الصدق، فخرجت من مكة إلى بغداد لطلب العلم، فأعطتني أمي أربعين دينارا لأستعين بها على معيشتي.

وعاهدتني على الصدق، فلما وصلنا أرض همدان، خرج علينا جماعة من اللصوص، فأخذوا القافلة كلها، وقال لي واحد منهم ما معك؟ قلت أربعون دينارا، فظن أني أهزأ، فتركني وسألني آخر، فقلت معى أربعين دينارا، فأخذهم مني كبيرهم، فقال لي ما حملك على الصدق؟ فقلت عاهدتني أمي على الصدق، فأخاف أن أخون عهدها، فأخذت الخشية رئيس اللصوص، فصاح وقال أنت تخاف أن تخون أمك، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله؟ ثم أمر برد ما أخذوه من القافلة، وقال أنا تائب على يدك، فقال من معه أنت كبيرنا في قطع الطريق، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة، فتابوا جميعا بسبب الصدق، فما احوجنا فى هذه الايام الى الصدق مع الله ثم مع أنفسنا ومع الناس لان هذا مهم لنا فمن شاب على شئ شاب عليه ومن تربى على الصدق سيعيش على الصدق وسيموت عليه ومن نشأ وتربى على الكذب سيعيش عليه ويموت عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.