بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الأعوام التي تنصرم سنسأل عنها أمام الله عز وجل، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الوقت نعمة من نعم الله على خلقه ولابد للعبد من شكر النعمة وإلا سُلبت وذهبت، وشكر نعمة الوقت يكون باستعمالها في الطاعات، واستثمارها في الباقيات الصالحات، وإن كثير من الناس من لا يوفق لذلك، وقد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهذا هو المغبون الذي ضيع وقته وعمره، ولقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، قدوة للناس، وأسوة حسنة في تعامله وأخلاقه، وقد وصفه الله عز وجل، في كتابه بأنه صاحب الخلق العظيم، والسراج المنير الذي جاء بالوحي والرسالة.
ليخرج الناس من ظلمات الشرك والضلال إلى نور الهداية والتوحيد، والمتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، يدرك كثيرا من الدروس والعبر في نهج حياته وسيرته العطرة، ومن بين تلك الدروس التي يستفيد منها المسلم ويهتدي بهديها، هو كيفية تعامله مع أعدائه، فما هي أبرز خصائص تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار؟ ولقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم، نصب عينيه هدف هداية الخلق أجمعين، ولقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم، نصب عينيه هدف هداية الخلق أجمعين، فحرص على التعرض لزعماء الكفار في الأسواق والمجالس حتى يدعوهم إلى دين الإسلام، ولم تلن عزيمته أو تضعف قوته، وبلغ اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم، بدعوة الكفار إلى دين الله تعالى.
مبلغا كبيرا جعله يُعرض من غير قصد عن عبد الله ابن أم مكتوم الأعمى، يوم أتاه بسبب انشغاله بدعوة زعماء الكفار، وعلى الرغم من الأذى الشديد الذي تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمون من زعماء قريش وكبرائها، فقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم، يوم فتح مكة ليخاطب زعماء الكفر بكلمات العفو والصفح، حينما قال صلى الله عليه وسلم “اذهبوا فأنتم الطلقاء” وكما عفا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وصفح عمن أراد قتله من الكفار وبيّت ذلك، ومن الأمثلة عليهم، هو عمير بن وهب الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم بنيته ودعا له بالهداية، وفضالة بن عمير بن الملوح الذي طاف حول الكعبة وهو يريد قتل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بنيته عن طريق الوحي فالتفت إليه ثم ضرب في صدره فأسلم، وأمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم احترام عهود الكفار، وإن بدا في ظاهرها أنها ضد المسلمين، وإن من يطالع كتاب الله الخالد يجد أن الله عز وجل ذكر قصص الأمم السابقة وأحوالهم مع أنبيائهم وما أحل بهم من عقاب وعذاب وهلاك ودمار لنأخذ العبرة والعظة من ذلك، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية ” وإنما قص الله علينا قصص من قبلنا من الأمم لتكون عبرة لنا فنشبه حالنا بحالهم ونقيس أواخر الأمم بأوائلها، فيكون للمؤمن من المتأخرين شبه بما كان للمؤمن من المتقدمين، ويكون للكافر والمنافق من المتأخرين شبه بما كان” وكما قال الإمام القرطبي.
” قد خلت من قبلكم سنن يعني بالهلاك فيمن كذب قبلكم كعاد وثمود والعاقبة آخر الأمر، وهذا في يوم أحد وهو غزوة أحد فيخبر الله تعالي فيما معناه، فأنا أمهلهم وأملي لهم وأستدرجهم حتى يبلغ الكتاب أجله يعني بنصره النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وهلاك أعدائهم الكافرين” ونحن نعلم أن العذاب أنواع وألوان كالغرق والخسف والمسخ والصيحة والرجفة وغير ذلك، فإن هناك عدة أسباب لوقوع العقاب والهلاك بالأمم الماضية لنأخذ منها العظة والعبرة حتى لا نقع فيما وقع فيه السابقون والمعاصرون.