الدكروري يكتب عن مسرور يقطع رأس جعفر البرمكي


بقلم / محمــــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن البرامكة والخليفة هارون الرشيد، وقيل أنه عندما أمر الخليفة هارون الرشيد غلامه مسرور أن يقتل جعفر البرمكي وأن يأتيه برأسه، فذهب مسرور، واستأذن على جعفر البرمكي ودخل عليه، وقد نزع جعفر ثيابه يستريح، فقال له يا سيدي أجب أمير المؤمنين، فانزعج، وقال ويلك يا مسرور أنا خرجت من عنده في هذه الساعة فما الخبر؟ قال له وردت كتب من خراسان تحتاج إلى النظر السريع، فطابت نفسه، ودعا بثيابه فلبسها، وتقلد سيفه، وذهب معه وفي قلبه بعض الشك، فلما دخل من الباب الأول أوقف مسرور الجند، وفي الباب الثاني أوقف الغلمان، فلما مر من الباب الثالث التفت فلم يري أحدا من غلمانه فندم على ركوبه، وزاد الخوف في نفسه، وأدخل القبة.

فقال لمسرور ما الخبر؟ قال له قد أمرني أمير المؤمنين بضرب عنقك، وحمل رأسك إليه الساعة فبكى جعفر، وجعل يُقبل يدي مسرور، ويقول قد علمت كرامتي لك دون جميع الغلمان، وأنت تعرف موضعي ومحلي من أمير المؤمنين فلعل أمير المؤمنين أن يكون قد بلغه عني باطل، فدعني أهيم على وجهي فقال لا سبيل إلى ذلك، قال فاحملني إليه، وأوقفني بين يديه فلعله إذا وقع نظره عليّ أن تدركه الرحمة فيصفح عني، قال لا سبيل إلى ذلك أيضا قال فتوقف عني ساعة، وارجع إليه، وقل له قد فرغت مما أمرتني به فقبل منه ذلك بعد أن حل سيفه ومنطقته وأخذهما، ومضى مسرور، ووقف بين يدي الرشيد فرآه غاضبا أشد الغضب، فلما رآه قال متلهفا ماذا فعلت بأمر جعفر؟ قال يا أمير المؤمنين أنفذت أمرك فيه.

قال الرشيد فأين رأسه؟ قال في القبة قال فأتني برأسه الساعة، ورجع مسرور وقال لجعفر قد أمرني أمير المؤمنين بضرب عنقك، فرجع مسرور، وجعفر يصلي، فسلّ سيفه الذي أخذه منه، وضرب عنقه، وأخذ رأسه بلحيته، وطرحه بين يدي أمير المؤمنين، فتنفس الصعداء لأنه أنفذ تدبيره الذي أحكمه، وبكى بكاء شديدا على الصداقة الوثيقة التي كانت بينهما، وجعل ينكث الأرض، وقبض على أبيه وأخيه وجميع أولاد البرامكة، وغلمانهم ومواليهم، واستباح ما عندهم، ووجّه مسرورا إلى المعسكر فأخذ جميع ما فيه من مضارب وخيام وسلاح، وقد أحصوا من قتله الرشيد من غلمانهم ومواليهم بنحو ألف إنسان، وأمر أن لا يرجع أحد من صنائعه إلى وطنه خوف أن يشبوا ثورة، وشتت شمل من بقي في البلاد.

وقد جاء بصبيين كانا ولدي جعفر، وكانا حسنين جميلين، فاستنطقهما فوجدهما فصيحين يتكلمان بلغة مدنية جميلة، وينطقان بفصاحة هاشمية، ثم أمر بضرب عنقهما، وأمر أن لا تذكر البرامكة في مجلسه، ولا يستعان بمن بقي منهم في بغداد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.