الدكروري يكتب عن جبل الرماة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن جبل الرماه هو الجبل الذي أمر النبي صلي الله عليه وسلم خمسين من الصحابة الكرام أن يصعدوه في غزوة أحد وكانوا ماهرين في الرمي، حتي يحموا ظهورهم في غزوة أحد، وأمرهم بألا ينزلوا حتي يأمرهم النبي صلي الله عليه وسلم بالنزول، ولكنهم خالفوا كلام النبي صلي الله عليه وسلم، وتركوا أماكنهم قبل إنتهاء المعركة، ويمتاز جبل الرماة بالموقع الإستراتيجي حيث كان يحمى ظهور المسلمين إبان المعركة والقتال مع المشركين، فكان حمى منيعا، يحمي ظهور المسلمين من التفاف المشركين عليهم وغزوهم من جهته لذلك أدرك خالد بن الوليد، رضي الله عنه وهو قائد فرسان المشركين قبل إسلامه أهمية الجبل ومكانه في تغيير تكتيك المعركة، فظلت عينه ترقبه حتى وهو ينسحب من أرض المعركة.

فلما رأى رماة المسلمين يتركون مواضعهم قام بحركة التفاف سريعة وهاجمهم من الخلف، وكذلك هو العمل التربوى اليوم، يتسنم مكانة إستراتيجية في العملية الإصلاحية، بل يعد أنجع السبل الإصلاحية ذلك أنه يحمي شباب الأمة من الانحراف الذي يصبو له الأعداء، عبر الالتفاف حولهم، ومن ثَم الانقضاض عليهم كانقضاض الوحش على فريسته، ولولا تدبير الله عز وجل بحمايته الشباب عبر حمى الأعمال التربوية، وغيرها من سبل الإصلاح لحصل المحظور، ولاستطاع الأعداء الالتفاف حول سواعد الأمة، وإفسادهم، وكذلك فكان لجبل الرماة دور حيوى مهم في معركة أحد، وكانت الثغرات التي يسدها مهمة من جهتين، الأولى هو حماية ظهور المسلمين من المشركين، والثانية هو مدافعة المشركين بالسهام.

ولا سيما أن الرماة فى مرتفع فوقوع السهام سيكون أسرع وأعمق أثرا، وهكذا العمل التربوى اليوم لا تستغني الأمة عن دوره الحيوي من جهتين على الأقل، الأولى هو حماية شباب الأمة من التفاف الأعداء عليهم وإضلالهم، والثانية هو ضرب الأعداء، وإضعافهم، وكسر شوكتهم عبر تكثير سواد المسلمين، وإعداد الصالحين والمصلحين منهم لتتسع الدائرة، وتقوى شوكة الإسلام والمسلمين، وكان لجبل الرماة الدور البارز في معرفة واقع المعركة من حيث الفرص المتاحة، والمخاطر المهددة، ونقاط القوة ونقاط الضعف، وكشف الأعداء، ومواقعهم وتحركاتهم، ومعرفة عددهم من حيث الكثرة والقلة وكذا المسلمين ومواقعهم، واتجاه سير المعركة من حيث النصر أو الهزيمة ولذلك كانوا والله أعلم أول من كشف انهزام المشركين وفرارهم.

وهو ما يؤكد معرفتهم بالواقع أكثر من غيرهم، وكان لكل ذلك دور في تغيير تكتيك المعركة حسب المصلحة والحاجة، ومن المعلوم أن ثمة تواصلا بين الرماة وبين القائد وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم حسب الحاجة والمصلحة لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهم “إن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم” وكذلك هي التربية اليوم تطلع، وتعايش، وتخالط معظم شباب الأمة الإسلامية، عبر محاضن العلم والتعليم، وحلق التحفيظ، وغير ذلك تعرف أعدادهم، وقوتهم وضعفهم، وقلتهم وكثرتهم، وأي الجوانب ينبغي أن يركز عليها؟ وأي الجوانب يؤجل العمل فيها؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.