الدكروري يكتب عن الوقاية من فساد المجتمع


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الثلاثاء 12 ديسمبر 2023

الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، أما بعد يقول جعفر الصادق رحمه الله “إني لأسارع إلى قضاء حوائج الإخوان مخافة أن يستغنوا عني بردّي إياهم” وإن من الإيجابية هو التعامل بنُبل مع الآخرين، وحين يكون الإنسان نبيلا فسيكون قد بلغ أرقى مقامات الرقي البشري، والعفة من النزعات النفسية الدنيئة، فالنبيل هو من تسقط عنده المراتب المادية الدنيوية ويكون معياره معيارا إلهيا، والنبل يقتضي الصفح عمن أساء إليك، ومجازاة من أحسن إليك، كما يقتضي النظر إلى الناس على أنهم متكافئون في الإنسانية.

ولهم نفس الحقوق التي لك، ولقد كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يرى في أبي هريرة وأنس بن مالك وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهم وغيرهم ممن كانوا يعانون من الفقر المدقع، والعَوز الشديد، أنهم أصحاب أوفياء وأصدقاء أعزاء، وربما قدّمهم على غيرهم في المواقف التي تتطلب ذلك، بل كان أبو هريرة رضي الله عنه وهو خادمه الناقل الأمين الحاذق لجزء كبير من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس، كما أن النبل يعني العطاء غير المحدود ومن غير مقابل، وكان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أنبل إنسان عرفته البشرية، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن،

فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة” واعلموا يرحمكم الله أنه حتى تكون هناك وقاية من الفساد يجب أن نسد حاجة هؤلاء الأشخاص حتى لا يضطروا تحت وقع الضغوط المعيشية والحياتية، وتحت ضغط المستوى الاجتماعى، أن يمدوا أيديهم إلى أموال الناس فيأخذوا منها وهذا من باب سد الذرائع، فالفساد يقع من وجهين، وإن من الفساد هو واجب مهمل أو حق مضيع، فالوجه الأول وهو يتمثل في تقصير العاملين في واجباتهم المنوطة بهم وهذا شائع وكثير، والوجه الثاني، هو هضم الحقوق وغياب العدالة الاجتماعية، فإن حلّ ظاهرة الفساد والإفساد وعلاجها لا يقتصر على فئة معينة، وإنما يشمل جميع أفراد المجتمع شبابا وأسرة ودعاة ومؤسسات وحكومة.

فإذا كان الطبيب يعطى المريض جرعة متكاملة حتى يشفى من سقمه، فإن قصر فى نوع منها لا يتم شفاؤه فكذلك علاج هذه الظاهرة يكون مع تكاتف المجتمع بجميع فئاته، فكل فئة لها دور، وباكتمال الأدوار يرتفع البنيان، وقد روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عين عمر بن الخطاب رضي الله قاضيا على المدينة، فمكث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، لم يعقد جلسة قضاء واحدة، وعندها طلب من أبي بكر الصديق إعفاءه من القضاء، فقال أبو بكر لعمر، أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟ قال عمر، لا يا خليفة رسول الله، ولكن لا حاجة لي عند قوم مؤمنين عرف كل منهم ما له من حق فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه.

أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيم يختصمون؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.