بقلم / محمـــد الدكــروري
لقد كانت الخطبة الجامعة للنبي صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع، هي مسك الختام للإسلام، وللأمة المحمدية حتي قيام الساعة فقد أرسي فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم قواعد الدين وأتمه وأكمله، فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة بأداء الحقوق، حيث قال ” فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف” والمقصود من الحديث السابق التذكير بحقوق النساء على الرجال، حيث إن الزوج يأخذ زوجته بعهد الله تعالى، ويستحل فرجها بكلمة الله أي بعقد الزواج، وحقوق الزوجة على الزوج النفقة، من مأكل ومشرب من غير إسراف ولا تبذير، وحقوق الزوج على زوجته عديدة.
ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم”أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه” أي لا يسمحن بدخول أحد يكره الزوج دخوله إلى بيته، وكما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتمسك بالقرآن الكريم، حيث قال صلى الله عليه وسلم “وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله” والمقصود من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يوصي الأمة بالتمسك بكتاب الله، من خلال الاعتقاد والعمل بما جاء فيه، فإن فعلوا ذلك لن يضلوا بعده أبدا، ومن الجدير بالذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر القرآن الكريم ولم يذكر السنة النبوية، لأن العمل بكتاب الله يقتضي العمل بسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وإن البلاغ هو مهمة أمة الإسلام من الأمور التي حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها في خطبة الوداع، توضيح مهمته شخصيا.
ومهمة الأمة الإسلامية من بعده، ألا وهي تبليغ الرسالة للناس كافة، ولا بد من الإشارة إلى أن البلاغ شيء، والهداية شيء آخر، حيث قال الله تعالى “ما على الرسول إلا البلاغ” بينما يرجع أمر الهداية إلى مشيئة الله تعالى، مصداقا لقوله “إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء” وقد ختم رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبته في حجة الوداع ببيان مهمته، وهي تبليغ الناس دين الله تعالى، حيث قال صلى الله عليه وسلم “وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأدَّيت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس اللهم اشهد، اللهم اشهد ثلاث مرات” وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم طبيعة المهمة التي كلفوا بها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلموا أن ما يقومون به من تبليغ للرسالة.
إنما هو واجب عليهم، لا منة ولا فضلا لأحد فيه، وكان ذلك الفهم ظاهرا في كلام ربعي بن عامر رضي الله عنه، عندما بيّن أنهم قوم ابتعثهم الله ليخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، وإن فوائد من خطبة حجة الوداع هو ترسيخ مبدأ المساواة والكرامة الإنسانية حيث قرر النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع مبدأ المساواة بين الناس، دون التفريق بينهم على أي أساس سواء اللون، أو العِرق، أو المكانة الاجتماعية، فالكل في ميزان الإسلام سواء، لا تفرقة ولا تفاضل بينهم إلا بمعيار واحد، ألا وهو التقوى، وهو الذي أكد عليه الله سبحانه وتعالى بقوله “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”