بقلم / عاشور كرم
قال تعالى((لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ))
وقال ابن كثير: (مخذولا ) إن الله تعالى لا ينصر العبد بل يكله إلى الذي عبده معه وهو لا يملك له ضرا ولا نفعا لأن مالك الضرِ والنفع هو الله وحده لا شريك له)
فالخذلان ترك نصرة الأخ وعونه وحده الناصر وهو يدل على ترك الشيء والقعود عنه فخذلان الله تعالى للعبد: ألا يعصمه مِن السيئة فيقع فيها
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره))
قال النووي : هوترك الإعانة والنصر ومعناه إذا استعان به في دفع ظالم نحوه لزم إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي)
أسباب الخذلان
ضعف الإيمان والاستعانة بغير الله وطاعة الكافرين والمنافقين: قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِين))
وطاعة الظَّالمين: قال تعالى :(( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ))
والسعي وراء الدنيا وكراهية الموت
والعجـيب : هو توكل المرء على ميزاته وينسى التوكل على الله وقد قال تعالي : (( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ))
وعدم سداد الرأي والجبن: قال ابن القيم : ( إن صحة الرأي لقاح الشجاعة فإذا اجتمعا كان النصر والظفر وإن قعدا فالخذلان والخيبة)
وعدم الرضا بالقضاء والقدر: ( فمعاند القدر مخذول) وقطع الأرحام : (فتعاطف الأرحام وحمية القرابة يبعثان على التناصر والألفة ويمنعان من التخاذل والفرقة)
والتعلق بغير الله عزوجل : (فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به وهو معرض للزوال والفوات ومثل المتعلق بغير الله كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت وأوهن البيوت)
القرب من السفلة والبعد عن ذوي الأحساب ( إن من قرب السفلة واطرح ذوي الأحساب والمروءات استحق الخذلان)
صور الخذلان
١- خذلان المظلوم
وقد عدها الهيتمي من الكبائر وقال: (الكبيرة السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والأربعون والخمسون بعد الثلاثمائة: ظلم السلاطين والأمراء والقضاة وغيرهم مسلما أو ذميا بنحو أكل مال أو ضرب أو شتم أو غير ذلك وخذلان المظلوم مع القدْرة على نصرته والدخول على الظلمة مع الرضا بظلمهم وإعانتهم على الظلم والسعاية إليهم بباطل)
٢- الخذلان في الجهاد :
وخذلان المسلمين في الجهاد وعدم نصرتهم صفة من صفات المنافقين قال الله تعالى فيهم (( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ))
فلقدروى الطبري أن رسول الله ﷺ (( حين خرج إلى أحد في ألف رجل مِن أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين أحد والمدينة انخذل عنهم عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس فقال: أطاعهم فخرج وعصاني والله ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس؟ فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه من أهل النفاق وأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول : يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوهم. فقالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكنا لا نرى أن يكون قتال فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم قال : أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم ومضى رسول الله ﷺ))
٣- خذلان الأخ لأخيه عند الحاجة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره))
وأخيرا اختتم حديثي بأن
آثار الخذلان
هو انتشاره بين الناس
فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إِلا خذله اللَّه في موطن يحب فيه نصرته))
2- ضعف الإيمان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))