بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الاحتكار هو جريمة ضد الإنسانية تستوجب الطرد من رحمة الله تعالي، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الجالب مرزوق والمحتكر ملعون” وأين هم من سيدنا عثمان ابن عفان رض الله عنه هذا عثمان رضي الله عنه في عام الرمادة وقد أشتد بالمسلمين الفقر والجوع جاءت تجارته من الشام ألف بعير محملة بالتمر والزيت والزبيب فجاءه تجار المدينة وقالوا له تبيعنا و نزيدك الدرهم درهمين؟ فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه لهم لقد بعتها بأكثر من هذا، فقالوا نزيدك الدرهم بخمسة؟ فقال لهم عثمان رضي الله عنه لقد زادني غيركم الدرهم بعشرة، فقالوا له فمن الذي زادك؟ وليس في المدينة تجار غيرنا؟ فقال لهم عثمان رضي الله عنه ان الله عطاني بكل حسنة عشر أمثالها، وأشهدكم أني قد بعتها لله ولرسوله فهي لفقراء المسلمين.
وإن الحلال هو ما أحله الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والحرام هو ما حرمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة يونس” قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ألله أذن لكم أم على الله تفترون” فعن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” رواه البخارى ومسلم.
وهذا الحديث اعتبره العلماء يمثل ثلث الدين، وهو كذلك، فيقول الإمام أحمد، أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث، حديث “إنما الأعمال بالنيات” وحديث ” من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد” وحديث ” الحلال بيّن” فهذا الحديث في السنة كسورة الإخلاص في القرآن، والحلال بيّن، فقد بدأ به لأنه الأصل، فالأصل في كل شيء الحل حتى تثبت حرمته، ولو تأملت في النعم لوجدتها حلالا إلا ما ندر، وهو بيّن لأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، بيّنه للناس بأمر من الله عز وجل فقال تعالى فى سورة النحل ” وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون” ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك” رواه ابن ماجة.
ثم إن كل ما أحله الله عز وجل للناس تجده قريبا من النفوس السوية، والفطر السليمة، بخلاف الإثم والحرام، فإنه يتردد في الصدر، ويتلجلج في الفؤاد، ويكره المرء أن يطلع عليه الناس، والحرام بيّن، والحرام هو الممنوع، وهو كل ما نهى الله تعالى عنه في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى فى سورة الأنعام ” وقد فصل لكم ما حرم عليكم” وبينهما أمور مشتبهات أمور تجمع كل شيء من قول أو فعل، أو أكل أو شرب، أو بيع أو شراء، أو ما عدا ذلك، ثم مشتبهات، والمشتبه هو الأمر الذى لم يظهر للإنسان على حقيقته، ولم يتبين له فيه الصواب أو الحل والحرمة، فلا يعلمهن كثير من الناس ولكن هنالك من يعلمها، فإن من توفيق الله تعالى وفضله على هذه الأمة أنه لا يزال فيها من العلماء الربانيين من يعلمون مراد الله، ويبصرون عباد الله بما وهبهم الله من علم، وآتاهم من حكمة.