كتب المستشار / وائل عادل الغرباوي
مهما طال تحريف التاريخ سوف تظهر الحقائق ومهما اراد الحكام تحريف التاريخ سوف يأتى زمن لاظهاره ليحكى التاريخ بما له وما عليه.
اليوم سنتكلم عن واحد من اعظم من حكم مصر وقد سعى الانجليزى طوال حكمهم مصر ان يخفوا هذه الحقيقة ولكن التاريخ لا يموت سنتكلم اليوم عن عباس حلمي الثاني بن محمد توفيق بن إسماعيل، خديوي مصر من 8 يناير 1892 إلى عزله في 19 ديسمبر 1914، وهو سابع من حكم مصر من أسرة محمد علي، وآخر خديوي لمصر والسودان، وأمه هي أمينة هانم إلهامي حفيدة السلطان العثماني عبد المجيد الأول توفى سنة 1944 بجنيف سويسرا.
الخديوى عباس حلمى الثاني هو أكبر أولاد الخديوي توفيق. ولد في غرة جمادى الآخرة سنة 1291 هـ (14 يوليو 1874)، والتحق في يناير 1881 بالمدرسة العلية التي كان أبوه قد أنشأها في عابدين، وفي سنة 1884، التحق وأخوه بمدرسة هكسوس بسويسرا، ثم انتقلا سنة 1888 إل مدرسة ترزيانوم بالنمسا لدراسة العلوم السياسية والعسكرية، ولدى بلوغه الثامنة عشرة مُنح رتبة الباشوية لكونه ولي عهد البلاد،
وفي يوم الجمعة 8 يناير 1892، وردت إليه في مدينة فيينا برقية من رئيس مجلس النظار تبلغه بوفاة أبيه فاستعد للعودة إلى مصر، وفي اليوم التالي وصلت إلى رئيس مجلس النظار المصري برقية من الصدر الأعظم للدولة العثمانية بتولية عباس حلمي باشا خديوية مصر، وفقًا لفرمان وراثة الخديوية المصرية، ولذلك لكونه أكبر أبناء الخديوي المتوفى، وكلّف الصدر الأعظم رئيس مجلس النظار ـ بالاشتراك مع هيئة نظاره ـ بإدارة شؤون البلاد لحين وصول عباس حلمي إلى مصر.
وصل عباس حلمي الثاني إلى الإسكندرية صباح السبت 16 يناير، ثم توجه من فوره بالقطار إلى القاهرة فوصلها في الثانية بعد ظهر اليوم ذاته، وفي يوم الإثنين 18 يناير تولى عباس حلمي شؤون منصبه رسميًا.
هو ابو النهضة العمرانية بمصر بال والسياسية والثقافية ايضا فقد قام بنهضة عمرانية ومعمارية كبيرة لم تقتصر على القاهرة وحدها بال امتدت إلى الإسكندرية وإلى كثير من المدن المصرية في الوجهين البحري والقبلي، تشهد بها تلك المنشآت الدينية والمدنية الباقية على اختلاف أنواعها وطرزها الفنية ، ولقد حازت عمائره الدينية على قصب السبق والاهتمام ببناء تلك العمائر خاصة وإن إدارة الأوقاف العمومية كانت خاضعة مباشرة لتصرفه ، وكانت تدر مبلغًا وافرًا وتشمل التصرف في كل الشئون المتعلقة بالمساجد والهبات الدينية والخيرية وأملاك القُصَّر والعاجزين وبالأمور الوراثية.
أما عن أعماله المدنية فهي متنوعة منها
قصر المنتزه والذي أنشئه عام 1310هـ / 1892م،
وفي 12 ديسمبر عام 1893م افتتح الخط الحديدي بين الإسماعيلية وبورسعيد ،
وشيد كذلك المعهد الديني الأحمدي بطنطا ودمياط وانتقلت إليه الدراسة بعد أن كانت في المسجد الأحمدى ،
وأقيم في عصره مجموعة كباري بالقاهرة والجيزة ،
منها كوبرى محمد علي والذى أنشأ لوصل القاهرة بجزيرة الروضة عند القصر العينى وطوله 67م ، على ثلاث فتحات،
وكوبرى عباس الذى نسب إليه وبُدأ في تنفيذه عام 1903م واحتفل بفتحة للمرور في 6 فبراير عام 1908م
وأُنشأ بمعرفة Sir. William Orel ، ويبلغ طوله 535م ،
وله ثمان فتحات ثابتة طول كلاً منها 42.76م وفتحتان طولهما 43.53م ،
كما قام بأنشاء كوبرى الملك الصالح الذى أُنشأ لوصل جزيرة الروضة بالقاهرة عند مصر القديمة عام 1908م وطوله 83م
وأنشأه نفس مقاول كوبرى محمد على وعباس ،
وانشأء ايضا كوبرى الزمالك ، على بعد 1.5كم جنوبى إمبابة ويبلغ طوله 125م ، وبُدأ فيه عام 1908م وأُفتتح عام 1912م .
وأقيم ايضا خارج القاهرة عدة كباري منها كوبرى نجع حمادي عام 1896م – 1897م ، وكوبرى دسوق الجديد عام 1897م – وكوبرى زفتى 1902م ، وكوبرى القناطر الخيرية عام 1907م ، وكوبرى طلخا والمنصورة عام 1912م – 1913م.
هذا فضلاً عن خزان أسوان الذى أنشأ عام 1902 وحتى عام 1904م وعُملت له تعلية أولى عام 1908م استمرت إلى عام 1912م ، وعُملت له تعلية ثانية في عام 1912م .
بالإضافة إلى هذه الأعمال أقيمت عديد من المشروعات الصناعية والتجارية واتسع أيامه نطاق التعليم والزراعة والري والسكك الحديدية، وأقيمت العديد من المتاحف العلمية المتخصصة التى حوت الآثار المصرية على اختلاف عصورها مثل،
المتحف اليونانى بالإسكندرية ، والمتحف المصرى بالقاهرة ومتحف الفن الإسلامى بباب الخلق بالقاهرة ، فضلاً عن النهضة الدينية وإصلاحاته الإدارية والعلمية بالأزهر الشريف .
ولم تقتصر مظاهر النهضة في عصر الخديوي عباس حلمى الثانى على النواحى المعمارية فقط بل امتدت أيضًا لتشمل نواحي أخرى مثل التعليم والري والصناعة، فضلاً عن اهتمامه بتكوين الأحزاب السياسية فكان له الفضل فى انشأ الاحزاب داخل مصر مثل
الحزب الوطنى ، حزب الأمة ، حزب الإصلاح على المبادئ الدستورية،
ودعمه الحركة الوطنية التى تمثلت في مصطفي كامل ، وكان هدف الخديوي من ذلك التخلص من وطأة الاحتلال البريطانى الذى كان يهدف إلى صبغ الإدارة المصرية بالصبغة الإنجليزية من حيث اتباع سياسة إنجلترا وإدخال العنصر الإنجليزى في الإدارة المصرية .
لقد حاول عباس حلمي الثاني أن ينتهج سياسة إصلاحية ويتقرب إلى المصريين ويقاوم الاحتلال البريطاني، فانتهز الإنجليز فرصة بوادر نشوب الحرب العالمية الأولى وكان وقتها خارج مصر، فخلعوه من الحكم وطلبوا منه عدم العودة ونصبوا عمه حسين كامل سلطانًا على مصر بدلًا من أن يكون خديوي. وفرضوا على مصر الحماية رسميًا، ويوجد في القاهرة كوبري باسمه وهو كوبري عباس الذي يربط بين جزيرة منيل الروضة والجيزة.
ومن كثرت حب المصريين للخديوى عباس حلمى الثاني قد تغنى الاطفال فى قرى مصر لعودته الى مصر بعد ان عزله الانحليز اثناء تواجده خارج مصر وفى اعقاب اندلاع الحرب العالمية الاولى وتولى ابن عمه السلطان حسين كامل وتحولت مصر من خدوية الى سلطنة تحت حكم انجليزى ومن هنا كانت قصة أغنية «الله حي.. عباس جاي»: ألفها الأطفال بعد عزل الخديو ومحاولته استعادة العرش ففى قرى المحروسة ترجم الأطفال ذلك فى أغانيهم التى كانت تحلم بعودة عباس، فكانوا يغنون: «الله حي.. عباس جاي.. ضرب البمبة (فى جزء من أجزاء جسم العمدة).. وهو جاي».