أسرار الروعة والإبداع في الرجل


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من الصفات التي يتميز بها أحباء الله صفات أربع ذكرها الله تعالى في قوله تعالي كما جاء في سورة المائدة ” يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم” وفي هذه الآية شهادة عظيمة من الله تعالى لهؤلاء الذين جمعوا هذه الصفات الأربع شهادة بأن الله يحبهم وبأنهم يحبون الله، وإن من علامة صدق العبد في محبته لله أن يُقدم ما يحبه الله على ما تحبه نفسه، ويميل إليه هواه وطبعه من المال والقرابة والمساكن وغيرها، ولهذا آثر السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ما يحبه الله على ما يحبونه.

فقدموا أنفسهم وأموالهم في سبيل الله وكانت النتيجة أن وصفهم الله بالصادقين، وإن النخوة هي الحماسة والمُروءة، وقيل هي العظمة والتكبر، فكم هي جميلة لغتنا العربية، وكم من كلمة يتداولها ملايين البشر من العرب عبر أصقاع الوطن العربي بشكل متكرر دون محاولة منهم لتفسيرها فهم يفهمون ما يقصدون، ولكن إذا أردنا التعريف الدقيق للكلمة، فهذا يزيدنا متعة بلغتنا العربية التي تحتوي كل أسرار الروعة والإبداع، وقال ابن عطية بأن استعمال السؤال بالخطب إنما هو في مصاب، أو مضطهد، أو مَن يشفق عليه، أو يأتي بمنكر من الأمر، فكأنه بالجملة في شر فأخبرتاه بخبرهما، وقال الحجازي ” فثار موسى، وتحركت فيه عوامل الشهامة والرجولة، وسقى لهما.

وأدلى بدلوه بين دلاء الرجال حتى شربت ماشيتهما” وقال السعدي بأن ذكر سبحانه ما يقوي قلوب المؤمنين، فذكر شيئين الأول أن ما يصيبكم من الألم والتعب والجراح ونحو ذلك فإنه يصيب أعداءكم، فليس من المروءة الإنسانية والشهامة الإسلامية أن تكونوا أضعف منهم، وأنتم وإياهم قد تساويتم فيما يوجب ذلك لأن العادة الجارية لا يضعف إلا من توالت عليه الآلام، وانتصر عليه الأعداء على الدوام، لا مَن يُدال مرة، ويُدال عليه أخرى” وقال ابن حجر قوله، بأنه قيل يا رسول الله استسقي الله لمُضر فإنها قد هلكت، إنما قال لمضر لأن غالبهم كان بالقرب من مياه الحجاز، وكان الدعاء بالقحط على قريش وهم سكان مكة فسرى القحط إلى من حولهم، فحسن أن يطلب الدعاء لهم.

ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش لئلا يذكرهم فيذكر بجرمهم، فقال لمُضر ليندرجوا فيهم، ويشير أيضا إلى أن غير المدعو عليهم قد هلكوا بجريرتهم، وقد وقع في الرواية الأخيرة وإن قومك هلكوا، ولا منافاة بينهما لأن مُضر أيضا قومه، وقد تقدم في المناقب أنه صلى الله عليه وسلم كان من مُضر، قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمضر” إنك لجريء” أي أتأمرني أن أستسقي لمضر مع ما هم عليه من المعصية والإشراك به” فالنبي صلى الله عليه وسلم رغم عداوة قريش وإيذائها للمؤمنين، لما جاءه أبو سفيان يطلب منه الاستسقاء لم يرفض لحُسن خلقه، وشهامته، ورغبته في هدايتهم، ولأن الشهامة من مكارم الأخلاق الفاضلة، وأنها من صفات الرجال العظماء، وأنها تشيع المحبة في النفوس.

وتزيل العداوةَ بين الناس، وفيها حفظ الأعراض، ونشر الأمن في المجتمع، إنها علامة على علو الهمة، وشرف النفس، وإن هناك وسائل معينة على اكتساب صفة الشهامة، ومنها الصبر، حيث قال الراغب الأصفهاني “الصبر يزيل الجزع، ويورث الشهامة المختصة بالرجولية” وكذلك الشجاعة، وعلو الهمة وشرف النفس، وإن من سجايا الإسلام هو التحلي بكبر الهمة، مركز السالب والموجب في شخصك، الرقيب على جوارحك، وكبر الهمة يجلب لك بإذن الله خيرا غير مجذوذ، لترقى إلى درجات الكمال، فيجري في عروقك دم الشهامة، والركض في ميدان العلم والعمل، فلا يراك الناس واقفا إلا على أبواب الفضائل، ولا باسطا يديك إلا لمهمات الأمور، وأيضا العدل والإنصاف، ومصاحبة ذوي الشهامة والنجدة، والإيمان بالقضاء والقدر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.